مذكرة سياسية | الهجوم بالطائرات المسيّرة على قاعدة حميميم: رسالة واضحة إلى موسكو؟

شهدت الأيام الأخيرة إسقاط ثلاث طائرات مسيّرة بالقرب من قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية من قبل الدفاعات الجوية الروسية. ويأتي هذا الحدث في ظل تحوّل جذري في المشهد السوري، بعد سقوط الحكومة السابقة وتسلّم “هيئة تحرير الشام” بقيادة أبو محمد الجولاني زمام الحكم في دمشق.

وعلى الرغم من أن الهجوم لم يسفر عن خسائر بشرية أو مادية تُذكر، إلا أن رمزيّته الاستراتيجية لا يمكن تجاهلها، إذ يمثل إشارة أولية على دخول سوريا في مرحلة جديدة من التوترات، لا سيما في العلاقة المتشابكة والمعقدة بين موسكو والسلطة الجديدة في دمشق.

أولاً، يبدو واضحاً أن القيادة الجديدة في سوريا تسعى إلى اختبار الجهوزية العسكرية الروسية، وربما إرسال رسالة مفادها أن الحقبة السابقة من التعاون أو التعايش مع الوجود الروسي قد انتهت. إن استهداف قاعدة حميميم، باعتبارها القلب النابض للانتشار الروسي في سوريا، يعبّر عن توجه عدائي متصاعد قد يمهد لهجمات أكثر تعقيداً في المستقبل القريب.

ثانياً، لا يمكن فصل هذا الهجوم عن الأبعاد الإقليمية والدولية للصراع السوري. فالولايات المتحدة، التي أبدت مراراً معارضتها للنفوذ الروسي المتزايد في المنطقة، قد تجد في الحكومة الجديدة فرصة سانحة لإعادة صياغة موازين القوى، عبر أدوات غير مباشرة من بينها تحريض الفاعلين المحليين ضد موسكو.

بناءً على ما تقدم، لا ينبغي اعتبار الهجوم بالطائرات المسيّرة حادثاً معزولاً أو طارئاً، بل هو جزء من منحى تصعيدي قد يفضي إلى مواجهة شاملة بين روسيا والسلطة الجديدة في دمشق، خاصة إذا ما تكررت مثل هذه العمليات أو تطورت من حيث الحجم والدقة.

وفي المحصلة، تجد روسيا نفسها أمام تحدٍ استراتيجي حقيقي: فإما أن تثبت وجودها ومكانتها في غرب آسيا، وإما أن تواجه سيناريو التآكل البطيء لحضورها، وسط بيئة سياسية وميدانية معادية تتسم بالمرونة والتشظي.

عمر حسن_القاهرة