عندما ننظر إلى المشهد التركي الحالي و ما يجري به من مظاهرات ، نجد أن كل شخص من أبناء منطقتنا لم يلوَّث عقله و لم تختلط عليه الأمور، سعيد بما يحدث مع أردوغان الذي عاث فساداً في منطقتنا و خاصة سورية ، التي قدم بها ثلاث هدايا للكيان لم يكن يحلم بها الصهيوني ألا وهي:
–إخراج إيران العدو اللَّدود للصهاينة و الأميركان و الداعمة لحركات المقاومة من سوريا
–قطع خط إمداد السلاح من سورية إلى المقاومة وخاصة حزب الله
–استبدال نظام وطني مناهض للمشروع الصهيوأمريكي محتضن للفصائل الفلسطينية بنظام طائفي مذهبي يعتبر من مكونات المشروع الصهيوأمريكي بالمنطقة..
و تم تتويج هذه الهدايا باحتلال الكيان الصهيوني لأجزاء من سورية..عدا عن التعاون الاقتصادي الغير المسبوق بين الكيان و نظام أردوغان في طوفان الأقصى لإنقاذ الكيان من الحصار اليمني للبحر الأحمر ..و كان يتزامن مع هذا الخذلان إطلاق أردوغان بعض التصريحات من الحين إلى الآخر ينتقد بها نتنياهو و حكومته اليمينية المتطرفة لذرِّ الرماد بالعيون …و بالنظر لتصريحات أردوغان التي تركز على نتنياهو و حكومته نجدها لا تتعدى ما يصدر عن المعارضة الصهيونية عندما تنتقد اليمين المتطرف و نتنياهو ، و لو طرد السفير الصهيوني أسوةً بدول تبعد عنا آلاف الأميال و ليست مسلمة كان من الممكن أن نصدِّقه..
و ما وصلت إليه المنطقة اليوم و ما تشهده من نزاع طائفي ، كان باكورة عقدين من المؤامرات التي كانت تركيا جزء أصيل منها ، و كانت من أهم وسائل أردوغان بهذه المؤامرات ، استخدامُ الإسلام كورقةٍ تستعطف بها شعوبَ منطقتنا ، خدمةً للفكر العثماني التوسعي الاستعلائي حليف الناتو ، الذي لا يهمه إن قدم منطقتنا أو أجزاء منها قربانًا للمشروع الصهيوأمريكي لخدمة مشروعه السلطاني..
لكن و بالعودة للمشهد التركي المضطرب لماذا يجب علينا أن نكون سعيدين ، إذا استطاعت المعارضة الإطاحة بأردوغان و المعارضة من المرجح أن تفرز نظام ليس مناهضا لليهمنة الأمريكية ؟
-أعي ذلك ، لكن تبقى المعارضة العلمانية حتى لو فرضنا أنها ستفرز نظاما ميوله غربية أقل ضررًا و بكثير على منطقتنا و مشروعنا المقاوم من الإسلام الناتوي الذي يعتبر نظام أردوغان نموذجًا له لا بل من مؤسسيه ، و طبعا الدين الإسلامي الحقيقي بريء من هذا الفكر الأردوغاني .
حيث إن حدث و تمت الإطاحة بأردوغان من المتوقع أن يكون لنا جارة تابعة للغرب و أوروبا منكفئة بنفسها ، لا يوجد لها الأطماع العثمانية في منطقتنا و إن كانت لديها أطماع لن تستطيع التأثير ، لأنها تفقد الوسيلة التي يملكها نظام أردوغان التي ذكرناها و هي استخدام الإسلام كوسيلة..و ها هو أردوغان الآن يحتل أجزاء من أراضينا العربية في سورية ، حيث لم يكتفي هذا النظام التوسعي الأردوغاني بما تم احتلاله من سورية في السابق بمؤامرة تركية فرنسية..
و لأن فلسطين هي معيارنا عندما ننظر إلى التجربة الأردوغانية نظرة عامة نجد أن سياستها بالمنطقة أضرت كثيرا بالقضية الفلسطينية بطرق مباشرة و غير مباشرة .
و إذا كان باب التمنيات مفتوحًا لا نريد أردوغان و لا غيره ، و نتمنى أن يأتي نظام يحكم تركيا داعم لمشروع المقاومة… و يكون خطوة لتحقيق الكونفدرالية المشرقية التي أوصى بها المفكر الراحل المناضل أنيس نقاش ..
أبو الأمير-القدس