إنتهت مهلة انسحاب العدو  الإسرائيلي من جنوب لبنان، فإنسحب ولكنه أبقى على خمس نقاط استراتيجية لا يمكن الوصول إليها إلا عبر القرى الحدودية، مما خلق ما يشبه المنطقة العازلة، في خرق لوقف إطلاق النار وبالتالي تكريس الاحتلال لجزء من الأراضي اللبنانية، فيما حزم لبنان أمره بالتوجه إلى الأمم المتحدة في بيان صادر عن الرؤساء يوم الثلاثاء، بعد تفريغ البيان الوزاري من حق المقاومة وحصر السلاح بيد الدولة.

فهل يمكن للشعب اللبناني في الجنوب الركون إلى قرارات أممية والالتزام بها من جانب واحد بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي تصرفاته على الأرض وفي السماء؟ وماذا ستحمل زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى لبنان مورغان أورتاغوس؟

لا يخفي الكاتب والمحلل السياسي غسان ريفي، في حديث “ليبانون ديبايت”، أن “لكل حق واجب يقابله، فإذا كان من حق الدولة اللبنانية حماية الوطن والدفاع عنه، فإن لبنان اليوم يرفع صوته مطالبًا الدولة بالقيام بواجبها في مواجهة استمرار الاحتلال الإسرائيلي لخمسة نقاط وعدم الالتزام بالانسحاب الكامل، لبنان يطالب الدولة بالتصدي لإسرائيل ووقف عمليات التفجير والتدمير التي تطال ممتلكات المواطنين”.

ويقول ريفي: “لبنان يطلب من الدولة مواجهة الغارات والاعتداءات الإسرائيلية وتحميلها المسؤولية عنها، لا يمكن للدولة تجاهل مسؤوليتها في الدفاع عن لبنان، خاصة في ظل الانتهاكات المستمرة للسيادة الوطنية، والكرامة، والأرض، والعرض”.

ويعتبر أن “ما ورد في البيان الوزاري يضع على عاتق الدولة مسؤولية كبيرة، ولكن حتى الآن لم تقدم الدولة نموذجًا عمليًا يُعتد به في الدفاع عن الوطن، القرارات الحكومية لم تتمكن من حماية المواطنين الذين يسقطون ضحايا الاعتداءات الإسرائيلية، كما أن الجهود الدبلوماسية لم توقف الجرائم والاعتداءات التي ترتكبها إسرائيل، وصولًا إلى انتهاك حرمة الأموات”.

ويشدد ريفي على أن “البيان الوزاري وحده لن يحمي لبنان من الغارات الإسرائيلية المتكررة والاعتداءات المستمرة، وكأننا لا نزال ندور في ذات الدائرة، هذا الوضع يتطلب دراسة معمقة، وحكمة، ودراية في معالجة الأمور، ويشدد على أن نواب لبنان أمام مسؤولية كبيرة عند مناقشة البيان الوزاري، سواء في منح الحكومة الثقة على أساسه أو حجبها”.

لكن يرى أن “الأهم بالنسبة للبنانيين هو أن من يطالب بنزع السلاح من الشعب اللبناني، الذي يستخدمه للدفاع عن نفسه في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، عليه أن يتحمل المسؤولية بنفسه ويتصدى للعدو الإسرائيلي ويمنع اعتداءاته، هناك احتلال في الجنوب اليوم تحت وصاية أميركية في الداخل، والوصاية تدعم الاحتلال”.

وينتقد ريفي أن “يكون المطلوب من لبنان تنفيذ القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار من جانب واحد، مشيرًا إلى وجود تناقض في التعاطي الأميركي مع هذا الأمر”.

ويضيف: “نحن اليوم تحت احتلال رسمي، وكل احتلال يولّد مقاومة وفق ميثاق الأمم المتحدة، أعتقد أن أي حركة مقاومة في لبنان تجاه النقاط الخمس المحتلة لا تخرق القرار 1701 ولا اتفاق وقف إطلاق النار، لأن إسرائيل نفسها لم تحترم وقف إطلاق النار ولم تلتزم بالقرار 1701. بل على العكس، تسعى إسرائيل إلى فرض قرارات خاصة بها، تنتهك السيادة اللبنانية، وتملي على الدولة اللبنانية ما تريده”.

ولا يسقط ريفي من انتقاداته من سماهم دعاة السيادة الذين “كانوا يقيمون الدنيا ولا يقعدونها” بسبب تصريحات يرون فيها مساسًا بالسيادة اللبنانية، فما رأيهم اليوم بالإملاءات الإسرائيلية والوصاية الأمريكية؟ وأين هم من الاعتداءات الإسرائيلية؟ هل اختاروا الصمت أمام “ولي الأمر” الأميركي؟”، مشددًا على أن “السيادة لا تتجزأ، ومن يعارض أي تدخل خارجي لا يمكنه أن يغض الطرف عن التدخل الأمريكي والإملاءات الإسرائيلية، فالموقف من السيادة يجب أن يكون ثابتًا، ولا مجال لازدواجية المعايير في مواجهة الاحتلال وانتهاكاته”.

أما عن زيارة مورغن أورتاغوس المرتقبة إلى لبنان وما تحمله، فيقول: “أعتقد أن أورتاغوس قد كذبت على الدولة اللبنانية، فقد تعهدت بشيء ونفذت شيئًا آخر، تعهدت بانسحاب كامل للعدو الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية خلال 18 أسبوعًا، واليوم، بعد مرور هذه المهلة، ما يزال الاحتلال قائمًا ومتواجدًا في خمس نقاط، كما أن إسرائيل ما تزال تعتدي ولم تُنفذ أيًا من تعهداتها”.

وهو لا يستغرب ما تقوم به أورتاغوس، فيرى أن “من ينتهك السيادة اللبنانية والكرامة الوطنية بهذا الشكل السافر، من على أعلى منبر في لبنان، ويشكر إسرائيل ويمتدحها لأنها اعتدت على اللبنانيين، أو من يزور الاحتلال الإسرائيلي على أرض لبنانية وينتقل منها مع وزير الحرب إلى داخل فلسطين المحتلة، يجعل من السذاجة أن تعوّل الدولة اللبنانية عليه أو أن تصدّق كلامه، فترك الأمور في يد من لا يفي بالتعهدات هو خطأ كبير لا يمكن تبريره”.

مقالات مختارة..موقع صدى الضاحية