في ظل الأحداث المتسارعة في الضفة الغربية، يجد الشعب الفلسطيني نفسه أمام واقعٍ معقد يتمثَّل في التصعيد الأمني بين المقاومة والسلطة الفلسطينية. هذا الوضع يستدعي وقفةً جادةً لتحليل الأبعاد السياسية والاستراتيجية لهذه المواجهة التي تهدد النسيج الوطني الفلسطيني.
السلطة والتنسيق الأمني: من الشراكة إلى التبعية
شهدت السنوات الأخيرة تصعيدًا ملحوظًا في تنسيق السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي. الحملة الأمنية التي تشنُّها السلطة ضد عناصر المقاومة تُبرز محاولتها لتقديم نفسها كشريك “موثوق” للاحتلال والمجتمع الدولي. أجهزة الأمن الفلسطينية، المدربة على أيدي خبراء غربيين و “إسرائيليين” ودعم وتدريب تركي علني، أصبحت تعمل كذراع أمني للاحتلال. هذا الدور لا يقتصر فقط على استهداف المقاومة، بل يمتد إلى قمع الحركات الشعبية المناهضة لسياسات السلطة، مما يزيد من الفجوة بين القيادة والشعب.
انعكاسات التنسيق الأمني على المقاومة
رغم الحملة الأمنية الشرسة، تواصل المقاومة إعادة تشكيل نفسها. فقد انتقلت إلى العمل اللامركزي، كما يظهر في مجموعات مثل “عرين الأسود” و”كتيبة جنين”. هذا التحول يعقد مهمة استهداف المقاومة أمنيًا، لكنه في الوقت نفسه يفرض تحديات تتعلق باللوجستيات والدعم الشعبي. ومع تصاعد الضغوط، قد نشهد ردود أفعال عنيفة تزيد من الهجمات الفردية ضد الاحتلال وأجهزة السلطة، ما يفتح الباب أمام فوضى سياسية داخلية.
منظمة التحرير : من التحرير إلى تثبيت الاحتلال
كانت منظمة التحرير الفلسطينية رمزًا للنضال الوطني، لكنها اليوم تعاني من تحول وظيفي خطير. بدلًا من قيادة مشروع التحرير، أصبحت إطارًا بيروقراطيًّا يخدم بقاء السلطة السياسية في رام الله. هذا الانفصال عن الشارع الفلسطيني يعمِّق أزمة الشرعية ويطرح تساؤلات عن مستقبل المنظمة، خاصة مع احتمالات ظهور كيانات بديلة تمثل مشروع المقاومة بشكل مباشر.
مستقبل مجهول ومقاومة متجددة إلى ما لا نهاية
إذا استمرت السلطة في نهجها الحالي، فإنها ستفقد شرعيتها بالكامل أمام الشعب والمجتمع الدولي، مما قد يجعلها عبئًا على الاحتلال نفسه. لكن في المقابل، أي محاولة للقضاء على مشروع المقاومة ستؤدي إلى ردة فعل شعبية واسعة تعزز الالتفاف حول خيار المقاومة.
نحو أفق جديد
إن إعادة بناء منظمة التحرير لتكون مظلة جامعة لكل القوى الوطنية والإسلامية والمسيحية كمكوِّن لا يمكن إهماله، وتعزيز الحاضنة الشعبية للمقاومة، وفضح التنسيق الأمني دوليًا، هي خطوات أساسية في معركة التحرر. الشعب الفلسطيني اليوم أمام فرصة لتوحيد صفوفه، وتحديد مستقبله بعيدًا عن قيود التنسيق الأمني والاحتلال.
التحرر خيارنا، والمقاومة سبيلنا.
أحمد كمال-القدس