تصنيف أميركا على أنها “الشيطان الأكبر” هو جزء من منهج الثورة الإسلامية في إيران، حيث يتم التفاوض معها فقط عبر وسطاء ، وفي المقابل، تفرض الولايات المتحدة الأميركية عقوبات اقتصادية قاسية – مما فيها سرقة للأموال في العلن – على كلِّ من يتحداها، مما أثَّر نفسياً على القادة الأمريكيين، الذين غالباً ما يتميزون بصفاتٍ نرجسية وفقاً للأبحاث النفسية، و هذه العقوبات تؤجج غرورهم وتؤكد لهم أنهم المهيمنون على العالم، رغم أن دولاً كبرى مثل إيران وروسيا وكوريا الشمالية قد تفوقت على الجميع في عدة مجالات على الرغم مما يفرض عليها من عقوبات .
إيران تخلَّصت من هذه السيطرة منذ عام 2020، بعد إلغاء الرئيس السابق ترامب الاتفاق النووي (المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة – JCPOA)، الذي عطل تقدمها لسنوات، ومنذ ذلك الحين، بدأت إيران في التعامل مباشرة مع الوكالات الدولية للطاقة، متجاهلة محاولات تجريم ملفها النووي.
ولكن قبل طوفان الأقصى كانت أول طعنة للشيطان في ذنَبه ، فقد قامت إيران بأعمال استراتيجية لحماية المحور في المرحلة التي نشهدها الآن ، وبعد نظر إيراني تضمَّن عدة مناورات لإقناع الشيطان أنه ليس العدو الأكبر و تركيز الأعداء على الجني الذي يسكن ذنبه المتمثل بالكيان المحتل، وجلست طهران على طاولة التفاوض مع أمريكا وجهاً لوجه في سبتمبر 2023 حول ملف تبادل الأسرى الذي نجح. هذا ما يتماشى مع الأبحاث الأمريكية التي تشير إلى أن إسرائيل تشكل عائقاً أمام تحسين العلاقات بين إيران وأمريكا ، و أيضاً مع نظرية الشرخ في العلاقات بين الصهيونية الاستثمارية و الصهيونية الاستعمارية، خاصة بعد تزايد الأدلة على أن القوى الغربية -الصهيونية الاستثمارية، بما في ذلك حلفاء أمريكا، قد تكون ضالعة في قضايا مثيرة للجدل مثل “فضيحة جزيرة إبستين”، والتي كشفت عن ارتباطها مع الموساد – الصهيونية الاستعمارية .
تكشف هذه القضايا عن جوانب مظلمة في السياسة العالمية، حيث تُستخدَم المعلومات لفرض السيطرة أو التأثير على القضايا الجيوستراتيجية، و لكنها تكشف على ما هو أهم… أنَّ علاقة الشيطان بذَنَبه ليست كما كانت، و لكنها ما زالت علاقة الجسد بأطرافه المسخَّرة له و التي يحرِّكها كيفما يشاء… ولكنها ضعفت و أصيبت بالشلل، و أصبحتْ عبئاً على الجسد و حركته.
من الواضح أن هذه الأحداث جزءٌ من الخطة المتصلة بالحرب الحالية على إسرائيل ، وأحد الأسباب التي جعلت الشيطان يمسك بذنَبه ، فلا يردُّ على الرد الإيراني الرادع، فأخذ الشيطان حاملة طائراته و عاد بخُفَّي حُنين إلى عالمه السفلي.
في هذا السياق، تتزايد الأسئلة حول أهداف التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة الآن، فالسؤال لماذا هربت من المواجهة في أول الطوفان و عند الرد الإيراني والآن تعود بالحشود؟
التواجد الجديد لهذه الحشود في ظاهرهِ هو لحماية الذنَب ولكن في باطنه هو لهدف آخر…
احتلال العراق و سوريا هو لضمان حماية المصالح و ليس الذيل لذاته, خاصة بعد ما تبين أن عهد العربدة انتهى و الإشارات على ذلك عدة منها صعود منظومة بريكس و انتهاء معاهدة البترودولار مع السعودية و فقدان 5+1 في الأمم المتحدة مع مواقف روسيا والصين… إلخ. و بردع الذيل هناك فرصة لإنشاء علاقات دبلوماسية مع القوى العظمى في المنطقة – إيران- الذي يضمن أمن المصالح… فلما المجازفة؟ الحشد هو لفرض السيطرة على الاتجاه الجديد الذي يردع الجميع و يفرض ان الشيطان لن يكون خارج النظام العالمي الجديد. و لهاذا يتهرب الشيطان من إعلان موقفه…و يستعمل الكذب و النفاق إلى أن ندخل في حلبة القتال.
و هنا سنرى الذنب يترمى في كل الجهات يظن نفسه اقوى من ان يتحداه أحد. ورأس اللهب تتيح له المجال ليضرب من يشاء و تحميه حتى تهل على الذنب السهام و ينزف الضارب والمضروب… و عندما ينزف الجميع يبتر الشيطان ذيله – ظنا منه أنه طرف تجديدي… و يقف كالحكم داخل حلبة القتال و ذنبه بيده -, ينهي النزيف المتبادل ويعلن أن الفائز هو … الحكم.


رندة سكسك_أستراليا