نعى عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة الدكتور باسم نعيم المحامي الفرنسي جيل دوفير الذي وافته المنية بعد معاناة طويلة مع المرض. وقال نعيم اليوم الأربعاء: “تلقينا في حركة حماس بحزن شديد نبأ وفاة المحامي الفرنسي جيل دوفير بعد معاناة طويلة مع المرض”. وأعرب القيادي نعيم عن خالص التعازي لأسرة الفقيد وأصدقائه، مشيرًا إلى أن دوفير كان نصيرًا حقيقيًا للشعوب المظلومة، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. وأوضح، أن مواقف دوفير الشجاعة، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، ستظل حاضرة في ذاكرة الشعب الفلسطيني. وأضاف “ساهم دوفير في ملاحقة الاحتلال بالمحافل الدولية، متهمًا إياه بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية، ما أدى إلى إصدار مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت.” وأكد نعيم أهمية التمسك بإرث دوفير، داعيًا أصدقاء الفقيد وكل أحرار العالم إلى العمل بدأب لتحقيق حلمه برؤية الشعب الفلسطيني يتمتع بدولته المستقلة وعاصمتها القدس، مع عودة اللاجئين إلى أرضهم. وتوفي المحامي الفرنسي والدكتور في القانون جيل دوفير، اليوم الثلاثاء، وهو الذي قاد الجيش القانوني المؤلف من جمعيات حقوقية وأكثر من 500 محامٍ من كل أنحاء العالم إلى المحكمة الجنائية الدولية، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ويعتبر دوفير “المايسترو” رجل القانون الذي وقف وراء مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بطلب من المدعي العام كريم خان، منذ مايو/أيار الماضي، ضد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وفي يوم صدور المذكرات الذي اعتبره عيدًا سعى لتحقيقه منذ سنوات، قال لابنه “الآن يمكنني أن أموت وأنا مرتاح”، ورغم ألم المرض الذي لم يفارقه حتى الرمق الأخير، أصرّ على التحدث عن هذا الانتصار القانوني الاستثنائي لوسائل الإعلام، وخصص تصريحاته الأخيرة بهذا الشأن. وولد دوفير في عام 1956، وهو محام في نقابة المحامين في مدينة ليون الفرنسية، وممرض سابق، ومحاضر في كلية الحقوق بجامعة “ليون 3”. وكان دوفير أحد المتحدثين باسم مجموعة مكونة من 350 منظمة غير حكومية، يمثلها 40 محاميا يتولون مسؤولية التعامل مع طلب العدالة المقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية، بشأن جرائم الحرب التي ارتكبت خلال حرب غزة بين عامي 2008 و2009. كما قدم المحامي الفرنسي شكوى ضد “إسرائيل” في يوليو/تموز 2014 بشأن حربها على غزة بالعام نفسه، وهو ما أدى إلى تحرك إعلامي كبير وخلق ضغوطا على السلطة الفلسطينية ومحكمة العدل الدولية، نتج عنه انضمام فلسطين إلى نظام روما الأساسي، ووافقت الجنائية الدولية على فتح فحص أولي للحقائق التي جرت اعتبارا من 13 يونيو/حزيران 2014. ورغم العقبات التي واجهت الفريق القانوني، ورفض الطلبات التي تقدم بها في ملف الجنائية الدولية، فإن دوفير تميز بإصراره في الاستمرار وعدم الاستسلام، لاعتباره أن “نخوة الشعب الفلسطيني أهم من نخوة المحامين”. بدأ عمل المحامي الفرنسي الراحل على مذكرات الاعتقال منذ عام 2009، لكنه تحرك بشكل مكثف وبأسلوب مختلف على هذا الملف بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ووصف الخبير في القانون الدولي عبد المجيد مراري دوفير بـ”دينامو الفريق القانوني”، قائلا “كان يسأل عندما نتراخى، ويكتب مذكرات من مئات الصفحات عندما نتكاسل، وفي هذه القضية، مارس الضغط على أعضاء الفريق لجمع الأدلة، وعمل على تنسيق الأدوار فيما بينهم رغم كل المشاكل الصحية التي كان يعاني منها آنذاك”. وأضاف “بكى جيل دوفير على باب الجنائية الدولية عندما اعتذرت محامية فلسطينية عن الحضور، لأن كل أفراد عائلتها قُتلت في ليلة التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما ذهبنا لتقديم الدعوى في المحكمة، والتي كانت المحرك الرئيسي لصدور مذكرات الاعتقال”. وبصوت متأثر على وفاته، قال عبد المجيد مراري للجزيرة نت “قبل إجراء دوفير لأخطر عملية في المستشفى بساعات وهو بين الحياة والموت، كان ملف حي الشيخ جراح في القدس الشرقية آخر ما تحدث عنه”. وختم صديقه وزميله مراري بالقول إن مذكرات التوقيف التي صدرت بحق نتنياهو وغالانت “كانت بمثابة الهدية التي سعى إليها لأكثر من 15 عاما، حيث رحل بضمير مرتاح، وسنكمل معركتنا القانونية بروح جيل دوفير لتنفيذ إرادته ووصيته، لأن العمل الحقيقي والأصعب بدأ فعليا بعد إصدار هذه المذكرات”.