مقالٌ مختار من جريدة البناء اللبنانية.
يبدو أن رغبة هذا العدو الآخذ بالتآكل في إظهار قدراته في تكنولوجيا القتل هي أهم بكثير لديه وإلى المروق العجيب الذي يستحوذ على شخصيته الشاذة ، من أن يكون إنسانًا سويًا كبقية البشر ، الذين يحافظون على قدر من الرغبة في التآخي والتعارف وتبادل المنافع … الانكفاء المهووس نحو الابداع في تكنولوجيا القتل ليس بحاجة الى عبقرية يتفاخر بها الانسان … هي تحتاج الى إنسان مريض شاذ غير قادر على الانسجام مع النسق الإنساني ، والمتطلبات الطبيعية للانخراط في تيار السموّ الأخلاقي البشري … أراهن لو أن بعض المختصين من علماء النفس قاموا بإجراء دراسة موضوعية علمية بحثية داخل نطاق هذا الكيان الشاذ ، لا يساورني أدنى شك في أنهم سيخرجون بنتيجة مؤداها ان هذه الكينونة المارقة تحمل في طيات وجودها أقل كمية على الاطلاق من الحب والخير والطيبة بين ظهرانيهم مقارنةً بالمجتمعات الأخرى ، ناهيك عن ان يحتفظوا بأي قدر من المشاعر الإيجابية نحو الشعوب الأخرى والمجتمعات المغايرة لهم …. كراهية وبغضاء وشكوك وغموض وسلبية يكتنف كل وجودهم النفسي … لا يمكن لإنسان سوي متوازن ان ينكفئ على ذاته مخادعًا إياها بأنه متفوّق على الآخرين ، وان هذا التفوّق يخوّله ان يستبيح الآخر فيلغي وجوده ويسعى الى ابادته واستئصاله والاستيلاء على ما يملك … هي وصفة لفنائه قبل ان تكون وصفة لإفناء الآخرين … لأن هذا الآخر لن يقف متفرجًا إزاء محاولات الغائه ، بل إن هذا التوجه الغير متوازن سيستفز كل الطاقات الكامنة لدى الطرف الآخر كرد فعل حتمي دفاعًا عن الوجود ، ولربما تجد الإنسانية برمتها في مكان لم تكن تتمنى ان تجد نفسها فيه … فالآخرين لن يقفوا مكتوفي الايدي بينما يطوّر هذا المخلوق الشاذ قدرات لقتل الآخر ، ويكرّس لذلك امكانيات هائلة… تمامًا كما أثبتت الايام ان الآخر بدأ يقفز قفزات مضاعفة لتحقيق التوازن ولربما التفوق في بعض الأحيان … فالحاجة ام الاختراع … ولن يحيق المكر السيء إلا بأهله … رفعت الأقلام ، وجفت الصحف .
سميح التايه