شيّعت العاصمة الإيرانية طهران الشهيد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بحضور رسمي وشعبي واسع، حيث غصّت شوارع طهران بالملايين الذين خرجوا لوداع ضيفهم الذي قتل غِيلة في عمل دنيء، يعكس مدى الانحطاط الأخلاقي الذي بلغه العدو الصهيوني وداعموه. هذا التشييع المهيب لم يكن وداعاً لزعيم فقدته الأمة الإسلامية فقط، بل جاء أيضاً ليكون رسالة قوية وصارخة لوحدة الصف الإسلامي في مواجهة المحاولات المسعورة لبثّ الفتنة بين مكونات الأمة وتفتيت شملها.

واختيار العاصمة الإيرانية طهران لتنفيذ عملية الاغتيال الجبانة التي طالت الشهيد إسماعيل هنيّة لم يأتِ صدفةً، فالعدو أدرك أبعاد الدور القيادي الشجاع الذي لعبه الشهيد في رأب التصدعات التي مزّقت الأمّة الإسلامية في أعقاب أحداث ما سمي بالربيع العربي، حيث سار الشهيد مع عمليّة لتصحيح مسار العلاقات مع أطراف محور المقاومة، توّجت بالمصالحة مع سورية وعودة حماس بذلك إلى المسار الطبيعيِّ والصحيح لوجودِها، وزيارة نائب رئيس حركة حماس خليل الحية إليها في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2022، أي قبل عام واحد من عملية طوفان الأقصى، وهي الخطوة التي رأى بها المحلّلون اكتمالاً للتحضيرات التي أدت لنجاح محور المقاومة في إدارة معركة طوفان الأقصى.

استشهد إسماعيل هنية، الرجل الذي لطالما كان رمزاً للتضحية والفداء في سبيل القضية الفلسطينية. والد الشهداء وجدّهم وقريبهم، التحق بركبهم ليكتب بدمائه فصلًا جديدًا من تاريخ النضال الفلسطيني، في مشهد سيظل عالقاً في أذهان الأجيال القادمة عن رجل أفنى حياته في الدفاع عن فلسطين، وظلّ بعد استشهاده وحملِهِ على أكتاف المشيعين داعياً – بدمائه المسفوكة غدراً – لوحدة الأمة ورصّ صفوفها في مواجهة عدو لا يراها إلا جسداً واحداً يسعى للقضاء عليه وتدميره.

محمد إبراهيم-روسيا