كشفت تقارير إعلامية عن اجتماع سري عُقد في نوفمبر 2022 برئاسة قائد القيادة الجنوبية للكيان، اللواء “إليعازر توليدانو”، ناقش فيه خطةً لضربة استباقية ضدَّ حركة حماس والمقاومة الفلسطينية. جاء الاجتماع في أعقاب الكشف عن خطة “جدار أريحا” التي أعدتها حماس للتسلل إلى الكيان في نقاط متعددة بشكل متزامن. أكد توليدانو أن “الحرب لها ثمن”، لكنه شدد على ضرورة تحديد لحظةٍ مناسبةٍ لشنِّ هجومٍ وقائي يقضي على المقاومة ويعيد فرض الهيمنة العسكرية على قطاع غزة.
رغم التخطيط المسبق للكيان لشنِّ حربٍ واسعةِ النطاق بعد الأعياد اليهودية عام 2023، استطاعت المقاومة الفلسطينية عبر عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر تحقيق ضربة استباقية قلبت موازين القوى. تصريحات نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، الشهيد الشيخ صالح العاروري، والناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة حفظه الله، أثبتت دقة استخبارات المقاومة في رصد تحركات الكيان وخططه العسكرية، مما مكّنها من تنفيذ العملية في توقيتٍ محكَمٍ أربكَ العدو.
هذه الضربة الاستباقية حملت أبعادًا استراتيجيةً غير مسبوقة:
تعطيل الخطط العسكرية للكيان: فشلت القيادة العسكرية للكيان في احتواء الصدمة الأولى للعملية، مما أظهر ضعفها الاستخباراتي والتكتيكي.
إعادة تشكيل معادلة الردع: لم تعد المقاومة مجرد طرف مدافع، بل أصبحت قوة قادرة على المبادرة وفرض قواعد اشتباك جديدة.
تحولات إقليمية ودولية: أكدت العملية أن المقاومة جزءٌ محوري من المعادلة الإقليمية، ما دفع القوى الإقليمية والدولية لإعادة تقييم مواقفها تجاه الصراع الفلسطيني.
حزب الله والصعود التدريجي
إن مساندة حزب الله للمقاومة في هذه المرحلة ليست وليدة اللحظة، بل إنها امتدادٌ لاستراتيجية تدريجية بدأت منذ عقود. حزب الله الذي بنى قوته عبر جولات من الاشتباك مع الاحتلال، استثمر في تحقيق التوازن الاستراتيجي، وصولًا إلى هذه المرحلة التي جعلت جبهتَي غزة ولبنان جزءًا من معركة واحدة. الاحتلال الذي قفز سريعًا إلى أقصى درجات العنف والتوسُّع بلغ ذروة قوته مؤخرًا، لكن هذه القمة أصبحت بداية انحداره. والتصاعدُ في العمليات ضد الكيان، المدعومُ بضغط الجبهات المختلفة، يعكس أن المقاومة تعمل بمنهجية تُضعف الاحتلال تدريجيًا وتؤسس لتحولات جذرية في موازين القوى.
أحمد كمال- القدس