حسب تقرير نشرته صحيفة تاتس الألمانية تواجه ألمانيا العديد من التحديات بسبب ارتفاع التكاليف الناجمة عن السياسات الحمائية والمنافسة الاقتصادية العالمية.
فعلاوة على الانقسامات الحالية داخل الحكومة الألمانية تلفت الصحيفة إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى فك الارتباط الاقتصادي بين أوروبا وروسيا، مما زاد الضغوط على ألمانيا لتنويع مصادرها.
ووصفت الصحيفة المشهد قائلة إنه “في اليوم الذي حقق فيه ترامب انتصارا كاسحا، انهارت الحكومة الائتلافية في برلين المعروفة بإشارة المرور”.
وذكرت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية عدة أسباب للمخاطر و الأزمات التي يواجههاالاقتصادالألماني، من بينها ضعف تنافسية الصناعة الألمانية، وتأثير الحرب التجارية وسياسات الطاقة، مثل تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة تزيد من تعقيد وضع الصناعة الألمانية.ورأت أن الأزمات السياسية تُعد عامل تهديد أيضا للاقتصاد الألماني، حيث ترى أن حكومة أولاف شولتز غير قادرة على تنفيذ إصلاحات اقتصادية جذرية بسبب الخلافات الداخلية وسقوط التحالف الحاكم.
وقالت “لو فيغارو” إنه “خلال أربع سنوات، تغيرت نظرة العالم إلى ألمانيا، وكذلك نظرة الألمان إلى نموذجهم الاقتصادي بشكل عميق”. وأكدت أنه “بعد سنوات من الازدهار المتواصل، أصبحت برلين على وشك العودة لتكون الرجل المريض في أوروبا”. وأشارت الصحيفة إلى أنه “وفقا لأحدث توقعات الحكومة، فإنه بعد تراجع بنسبة 0.3 بالمئة عام 2023، يُتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد مرة أخرى بنسبة 0.2 بالمئة عام 2024”.وبحسب الصحيفة، تستحضر هاتان السنتان من الركود ذكريات سيئة في برلين؛ إذ كانت آخر مرة شهدت فيها البلاد مثل هذا الركود قبل “إصلاحات (بيتر) هارتز” عامي 2002 و2003. وفي ذلك الوقت، كانت ألمانيا، المثقلة بتكاليف إعادة التوحيد، تعاني من تراجع في القدرة التنافسية. وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه “من أجل إنعاش الصناعة، طُبقت مجموعة من الإصلاحات المؤلمة ولكن فعالة، شملت تحرير سوق العمل وإعادة هيكلة نظام الضمان الاجتماعي”. وفي هذا الصدد، أكدت أن “الصدمة التي يواجهها الاقتصاد الألماني اليوم تشبه في حجمها التحديات التي واجهتها البلاد في سنوات الألفية الثانية”.ومن دلالات الأزمة الحالية، قالت “لو فيغارو” إن “هيمنة صناعة السيارات تتعرض للتحدي من قبل المنافسة الصينية، التي تتفوق على أوروبا في مسألة التحول إلى التقنيات الكهربائية”. وعلى سبيل المثال، أثارت “فولكس فاجن”، أكبر شركة تصنيع في البلاد، صدمة كبيرة بإعلانها عن ضرورة إغلاق مصانع وتسريح عشرات الآلاف من الموظفين، في خطوة هي الأولى منذ عقود. وفي هذا الشأن، نقلت الصحيفة عن الصحفي الاقتصادي الألماني والخبير في الشؤون الأوروبية، وولفغانغ مونشاو، قوله إنه “عندما تبدأ صناعة السيارات في التدهور، سيتبعها البلد بأكمله”. وأضافت أن حالة الركود الحالية تبرز بشكل واضح من خلال القرار الذي أعلنته شركة “وولف سبيد” الأميركية قبل أيام، بـ”تعليق مشروعها لإنشاء مصنع كبير لأشباه الموصلات في ولاية سارلاند، بالشراكة مع الشركة الألمانية ZF المتخصصة في تزويد قطع غيار السيارات”.
وفي ظل هذا الركود المحتمل، أظهرت الصحيفة الفرنسية أنه “من المتوقع أن تزيد الحرب التجارية التي وعد بها ترامب، والتي تشمل رفع التعريفات الجمركية بنسبة تتراوح بين 10 و20 بالمئة، من تعقيد الأوضاع بالنسبة للصناعة الأوروبية”. وفي اليوم التالي لفوز الرئيس الأميركي الـ47، قال رئيس معهد “كيل” للاقتصاد العالمي، موريتز شولاريك: “يمثل فوز ترامب بداية اللحظة الأكثر صعوبة في تاريخ ألمانيا من الناحية الاقتصادية، حيث تُضاف حاليا إلى الأزمة الهيكلية الداخلية تحديات هائلة في مجال الاقتصاد الخارجي والسياسة الأمنية، والتي لسنا مستعدين لها”.ومن زاوية أخرى، لفتت الصحيفة إلى أن “القدرة التنافسية للصناعة لا تزال تتآكل بسبب تكلفة الطاقة”. فبعد اعتمادها على الغاز الروسي لمدة 20 عاما، اضطرت ألمانيا إلى إعادة هيكلة نظامها بشكل سريع عقب الحرب في أوكرانيا.
في نفس السياق حذر رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل من أن التعريفات التي يهدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بفرضها عند توليه الحكم مطلع العام المقبل قد تلحق ضررا بالغا بالاقتصاد الألماني.وفي حديثه لصحيفة دي تسايت نقلته وكالة بلومبيرغ، أوضح ناغل أن “تنفيذ هذه التعريفات قد يكلفنا حوالي 1% من الناتج الاقتصادي”، واصفا ذلك بأنه “مؤلم للغاية” بالنظر إلى أن الاقتصاد الألماني لن يشهد أي نمو هذا العام، وربما سيكون أقل من 1% العام المقبل حتى قبل تطبيق أي تعريفات أميركية جديدة. وأضاف أنه في حال تم فرض هذه الرسوم، فإن الاقتصاد قد “ينزلق إلى المنطقة السلبية”.