“مادورو” ليس رئيساً عربياً أو مسلماً، وتفصلنا عنه المحيطات والبحار، إلا أنه معروف بمواقفه الثابتة حيال القضية الفلسطينية. فهو رئيس منتخب شرعي لدولة لا تعترف بالكيان، ولا يوجد فيها سفارة صهيونية، واختار أن يسلك الطريق الصعب، وألا يكون تابعاً يدور في الفلك الأمريكي كالعديد من الدول. لأن الأمر الأصعب بالنسبة له كان أن يرى نفسه تابعاً للهيمنة الأمريكية الإمبريالية الإجرامية الإرهابية، التي هي وكل ما انبثق عنها أسوأ ما أنتجته البشرية عبر كل العصور .
جدد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بعد انتخابه مباشرة موقفه الداعم للقضية الفلسطينية والرافض لحرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، منتقداً في الوقت ذاته اليمين المتطرف في بلاده، من خلال تصريحه “فنزويلا ستكون دائماً مع فلسطين، وترفض الإبادة الجماعية الأفظع منذ زمن هتلر، التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني”، مضيفاً أننا “ندعم القضايا العربية والإسلامية، التي ستنتصر عاجلاً أم آجلاً، وسيخرج الأمل والقوة والحق بالحياة من رحم المعاناة”.
تجمع مادوروا و محور المقاومة علاقة طيبة ، و يدعم حق الشعب الفلسطيني بالنضال و الكفاح المسلح و هو على تواصل مع الفصائل الفلسطينية ، و كان آخرها ، يوم الأثنين أول أمس ١٨/١١/٢٠٢٤ إذ أرسل برقية للأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطيني الرفيق فهد سليمان أكد فيها،وقوفه و وقوف جمهورية فنزويلا البوليفارية إلى جانب شعب فلسطين في نضاله المشروع، وإدانة الأعمال العدوانية ل”دولة” الاحتلال، كما أدان السياسات الأميركية التي تمد “إسرائيل” بالأسلحة والذخائر والعتاد، وتوفر لها الغطاء السياسي في المحافل الدولية، خاصة في مجلس الأمن في الأمم المتحدة.
وهذا ما يدفع “الولايات المتحدة” والصهاينة لتفعيل عملائهم من خلال ما يسمى “اليمين الفنزويلي” ومحاولتهم إثارة الفوضى والتحريض ضد رئيس منتخب من الشعب الفنزويلي . ونحن لا نبالغ عندما نقول أن أحد أول الأسباب الرئيسية لهذه الممارسات الأمريكية من خلال أذنابها في فنزويلا، هو دعمه للقضية الفلسطينية منذ بداية عمله السياسي، ووقوفه مع محور المقاومة، بطريقة أو بأخرى. كيف لا والذي يقرأ المشهد في العالم برمته يعلم صحة هذا القول .
وحدث بالأمس أن طل علينا عقائدي صهيوني مجرم حرب يدعى “بلينكن” و صرح في منشور على منصة “إكس”: “لقد قال الشعب الفنزويلي كلمته المدوية في 28 تموز/ يوليو وجعل (غونزاليس أوروتيا) الرئيس المنتخب”، لافتا إلى أنّ “الديمقراطية تتطلب احترام إرادة الناخبين”.
و هذا التصريح أتى مع إعلان الإدارة الأمريكية ،أمس الثلاثاء، أنها اعترفت بزعيم المعارضة إدموندو غونزاليس أوروتيا “رئيسا منتخبا” لفنزويلا.
من جهتها اعتبرت كراكاس، اعتراف واشنطن بزعيم المعارضة إدموندو غونزاليس أوروتيا “رئيسا منتخبا” لفنزويلا خطوة “سخيفة” وتكرارا لسيناريو اعترافها بالمعارض خوان غوايدو في 2019 رئيسا مؤقتا للبلاد.
و ردا على بلينكن، قال وزير الخارجية الفنزويلي إيفان غيل، في منشور على إكس، إن لدى نظيره الأمريكي موقفا مناهضا لكراكاس.وأضاف: “بلينكن هو العدو اللدود لفنزويلا. تصر الولايات المتحدة على الاستمرار في السياسات نفسها، تماما كما فعلت مع خوان غوايدو (زعيم المعارضة الفنزويلية السابق) الذي يحظى بدعم الفاشيين والإرهابيين”.
ما هو هذا الشيء الذي أعطى بايدن و بلينكن و ثلة من مجرمي الحرب حولهم في البيت الأبيض ، حق قمع حرية الشعب الفنزويلي ؟ و من منح الإدارة الأمريكية حق رفض خيار الشعب الفنزويلي ؟الإجابة هي صمت العالم....
لا نستغرب من الولايات المتحدة اتخاذها هذه الخطوة التي أقل ما يقال فيها (بلطجة) و مراهقة سياسية، ضد الرئيس الفنزويلي مادورو الشرعي المنتخب بخيار الشعب الفنزويلي، و هذا نتيجة مواقفه الرافضة للهيمنة و الاستكبار ، حيث أن الولايات المتحدة تريد أن تضع العالم أسيرا لنرجسيتها، و هذا السلوك الأمريكي ليس غريباً من دولة أسّست وجودها على الإبادة والتطهير العرقي، وتملك سجلاً حافلاً بالمجازر والإرهاب، و يوما فيوما، تؤكد مجدداً أنها رأس حربة الإرهاب العالمي وراعية حروب الإبادة والجرائم المنظمة بحق الشعوب.
بات كل نظام أو دولة أو زعيم أو حزب أو حتى شخص عادي يرفض الإبادة الجماعية في غزة و يرفض الجرائم التي تمارس على الأطفال و الساكنين الآمنين في غزة و لبنان و سورية أو غيرها، هو عدو لدود لهذه الإدارة الأمريكية التي أسست على دماء الهنود الحمر (السكان الأصليين) .
الأمر يحتاج إلى ثورة حقيقية ضد هذه الإدارة الأمريكية التي لا تحترم القانون الدولي ،و تمارس الابتزاز على دول العالم ، ولا تحترم خيارات الشعوب ، و تظن أن بإمتلاكها القوة هي من يحدد مصير دول العالم، و الثمن الذي تدفعه شعوب منطقتنا الحرة نتيجة رفضها لهذه الهيمنة و البلطجة الأمريكية ، و تجلت ممارسات الولايات المتحدة الإجرامية عندما تحدت رغبة دول العالم بوقف إطلاق النار في غزة باستخدام “الفيتو” بكل تبجح ….الفيتو الأمريكي هو العدو اللدود لأطفال غزة…
صدق الفيلسوف الصيني “هو تشي منه” عندما قال:
“لا يوجد بيت مدمر ، أو حجر مبعثر، أو يد مبتورة أو أم ثكلى، أو أمة مشوهة، إلا وستجد للولايات المتحدة الامريكية أثرًا فيه”.
محمد دجاني-القدس