نتنياهو وترامب: 5 زيارات ولكل زيارة حكاية
ناصر قنديل

– توقع الكثيرون مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن حرب غزة يجب أن تتوقف قبل دخوله إلى البيت الأبيض، أن مسار إنهاء حروب المنطقة سوف يبدأ مع تسلم ترامب مقاليد الحكم، لكن ترامب الذي استقبل رئيس حكومة كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو بعد عشرة أيام من بدء تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق غزة الموزع على ثلاث مراحل والذي حمل اسم ترامب، يبدو قد عقد مع نتنياهو صفقة على مجموعة حروب سوف يتم شنها تباعاً بتفاهم أميركي إسرائيلي كامل. وفي زيارة نتنياهو لواشنطن في شباط خرج نتنياهو مرتاحاً ليعلن بعد شهر التوقف عن تنفيذ اتفاق غزة، بمجرد انتهاء المرحلة الأولى، وتم إلغاء المرحلتين الثانية والثالثة رغم أنها تضمنت تقريباً ما تم تنفيذه من اتفاق غزة الذي حمل اسم خطة ترامب الذي بدأ تنفيذه بعد سبعة شهور، وبعد ارتفاع عدد الشهداء والجرحى في غزة بعشرات الآلاف ومقتل أكثر من عشرين من الأسرى الإسرائيليين في غزة.

– مع بدء حرب غزة الجديدة وإعلان ترامب تأييد “إسرائيل” بشنها، اتضح أن اجتماع شباط كان قد استبق التفاهم على الانقلاب على الاتفاق الذي طلبه ترامب عشية دخوله البيت الأبيض، وجاءت زيارة نتنياهو بعد شهرين في نيسان نقطة انطلاق لانخراط أميركي مباشر في حرب نتنياهو، حيث تولت أميركا تحمل مسؤولية تحييد اليمن من جبهة حرب غزة، بعدما أصبح اليمن جبهة الإسناد الوحيدة، وشكل جبهة الإسناد المؤلمة سواء بالنجاح في منع الملاحة البحرية عبر البحر الأحمر باتجاه كيان الاحتلال، أو باستهداف عمق الكيان بالصواريخ والطائرات المسيرة وما ترتب على ذلك من تصعيد حراك الشارع الداخلي في الكيان ضد الحرب، وافتتح ترامب المهمة بإعلانه الشهير عن فتح أبواب الجحيم على اليمن، لكن الفشل الأميركي في تحييد اليمن الذي ترجم باتفاق غير مكتوب لوقف إطلاق النار تنسحب بموجبه أميركا من الحرب دون قيد أو شرط ويواصل اليمن على أساسه إسناد غزة في أيار، لم يمنع تنفيذ الحلقة الأهم في اتفاق شباط الذي تم تثبيته في نيسان، والذي يتضمن شن الحرب على إيران، تحت ظلال خدعة التفاوض، فيبدأ ترامب التفاوض بعد زيارة نيسان لتبدأ الحرب في حزيران، وتستمر لاثني عشر يوماً انتهت بالفشل في الحصول على استسلام إيران غير المشروط كما طلب ترامب، أو بإسقاط النظام الإيراني كما طلب نتنياهو.

– جاءت الزيارة الرابعة بعد شهرين على الفشل في حرب إيران وأربعة شهور على الفشل في حرب اليمن، وخلال هذين الشهرين رمت “إسرائيل” بثقلها لدفع غزة للاستسلام تحت ضربات حرب الإبادة وحرب التجويع، وخلال شهر تموز كانت زيارة نتنياهو الثالثة لواشنطن، التي تم خلالها تسليم نتنياهو بفشل الحرب على اليمن وعلى إيران، وتبلغ عدم استعداد واشنطن لمواصلة المقامرة، وقد بدأت التداعيات تهز البيت الأميركي الداخلي مع تحولات الرأي العام، عشية انتخابات محلية يتوقع أن تنتهي بفوز المرشحين الديمقراطيين المؤيدين لغزة والمناهضين لـ”إسرائيل”، وفي طليعتهم زهران ممداني الذي أصبح عمدة نيويورك لاحقاً، وحدد في هذه الزيارة سقف المهل التي يمكن إتاحتها للرهان على تحقيق أفضل ما يمكن تحقيقه عبر حرب الإبادة والتجويع، ليعلن ترامب خطته ودخولها حيز التنفيذ في نهاية أيلول، بعد مناقشات أجراها ترامب مع نتنياهو نهاية أيلول، حول خطته وأدخل عليها تعديلات فاجأت الشركاء العرب والمسلمين الذين التقاهم خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة وتفاهم معهم على الخطة، لكن الممكن تنفيذه من الخطة سوف تقرره نتائج الحرب وليس نصوص الخطة نفسها.

– جاء ترامب إلى المنطقة في تشرين الأول، ومنح نتنياهو جرعة دعم بدعوته إلى رفع شارة النصر، ودعوة رئيس الكيان إلى منح نتنياهو عفواً رئاسياً، لكنه استبعد حضوره عن لقاء شرم الشيخ، لمعرفته أن المنتصر وحده كان يستطيع دخول اجتماع شرم الشيخ ونتنياهو لم يكن منتصراً إلا في الكنيست، ومثلما تضمن بيان حركة حماس الموافقة على مرحلة جزئية من خطة ترامب تتضمن وقف النار وتبادل الأسرى وبدء فك الحصار عن غزة وبدء الانسحاب منها، كانت حدود خطة ترامب هي بيان حماس، التي ظهرت بعد بدء التطبيق أنها تمثل اليوم التالي للحرب كما قالت الصحافة الإسرائيلية ساخرة من إعلان نتنياهو للنصر، وجاءت وقائع لبنان وفشل خطط نزع سلاح المقاومة، ووقائع اليمن وإيران، التي تقول إن النصر الأميركي الإسرائيلي ليس إلا في الإعلام، ليصير السؤال الأميركي الإسرائيلي مشتركاً حول اليوم التالي لاتفاق غزة على مستوى المنطقة؟

– سبق زيارة نتنياهو الخامسة إلى واشنطن الإعلان عن استراتيجية الأمن القومي الأميركي، وكانت الاستراتيجية الجديدة كافية للقول إن واشنطن انتهت من تقييم حروب العام، وأنها قررت الانكفاء إلى المدى الحيوي لأمنها القومي في القارة الأميركية، والتعامل مع ما يجري في المشهد العالمي، ومنه غرب آسيا، على قاعدة السعي لتهدئة التوترات وضمان الاستقرار، وأن واشنطن لن

تكملة …

تتورط في حروب لا تنتهي، وفهم نتنياهو أن الأولوية الأميركية ليس فيها مكان لاستئناف حروب فشلت في ظروف أفضل في تحقيق أهداف أقل، لكن نتنياهو يرفع شعارات هذه الحروب وهو يدرك أنه يخاطب جمهوره قبل الزيارة لتبرير التخلي عن الحروب بموقف أميركي يستوجب المراعاة، ولذلك لا بد ان بيد نتنياهو ورقة طلبات يمكن الحصول عليها، مقابل التخلي عن طلبات الحروب المستحيلة، والطلبات الممكنة هي بذل جهود أميركية أقوى لضمان العفو الرئاسي في الكيان عن نتنياهو وتجنيبه المساءلة القضائية، والتغاضي الأميركي عن ضم أغلب مناطق الضفة الغربية لضمان وحدة الحكومة الإسرائيلية والفوز الانتخابي في خريف العام المقبل.

– سوف يبقى الذين يناقشون الحرب الإسرائيلية القادمة يناقشون الحرب الإسرائيلية القادمة، لأن خلق مناخ الحرب يهدف الحصول على تنازلات ربما لا تستطيع الحرب تحقيقها.