صوتٌ هزَّ العالم من أقصاه إلى أقصاه. وكلمات ذاب من أثرِ وقعها الحديد – إلا قلوب بعض الناس- ؛ ومظلومية لم يوجد مثلها غيرها، وحقّ لم يكن أظهر منه أمام باطل لم يوجد أجرم منه.
وأمام ذلك كله.. ظهرَ صوتٌ جهوري يقول انّ وعدَ اللهِ حقّ وأنِّ النصر صبرُ ساعة.. وأنَّ مَنْ أرادَ الحياة الحقّة وَثبَ على الموت فَأفناه حتى لا يعرفَ طريقهُ إليه وقد وُهِبَّ الحياةَ الخالدةَ في أبهى حُلّلِها وفي ضيافةِ لا تُضاهى وعلى أرقى مستوى حينما يكونُ الله سبحانه هو وليُّها ومولّاها.
وأمام وجهٍ تاقت لِتَصفِّحِ ملامِحهِ المُشرقةِ الملايين في أشدِّ الحُقبِ ظُلمًا وظَلامًا.. لقوةِ يقينهِ وتأثيرهِ الذي تهاوت عروشُ الباطلِ والطغيان أمامه؛ وأشدُّ قوى العالم إجرامًا و وحشية وفتكًا.. وأمام شدة إيمانه وعظيم بيانه.
وفي الوقت الذي كُنّا نحسب أننا وحدنا من نتوق لذلك.. كان لملائكةِ السماءِ رأيٌ آخر.. فقد كانوا أشدّ شوقا منّا إليه.. فعندما سبق بالصدق واليقين بادروه بالبشرى و زفّوا روحه الطاهرة إلى جنّات المأوى.
فقد ربح البيع أبو عبيدة.. وإنّا على آثاره لمُقْتدين..
وإنّ افتقدنا جهادَهُ وصوتَ صولاتِهِ وجولاتِهِ في الميادين.. فَلن نُحرَمَ الأجرَ بعدهُ ولن تَسقُطَ رايةٌ اللهُ سبحانه مُعلّيها رُغمَ كيدِ الكافرين.
وإنّهُ لَجِهاد.. نصرٌ أو استشهاد..
د.أسماء عبد الوهاب
