“اليمن… حين يكتب الإيمان ملحمة الصواريخ”
دعاء ابوطالب
في زمنٍ تكالبت فيه قوى الظلم على غزة، واشتدّ الحصار، وارتفعت ألسنة النار في سماء فلسطين، لم تكن اليمن غائبة عن المشهد، ولم تكن صامتة أمام الألم.
بل كانت هناك… في قلب المعركة، في صدى الصوت، في وهج الصاروخ، في جناح المسيرة.
قدّمت اليمن ما لا يُقدَّر بثمن، لا من فائض القوة، بل من عمق الإيمان.
من بحرها وجوّها، من رجالها ونسائها، من قادتها الذين لم يتزينوا بالشعارات، بل اتّصفوا بالإيمان قبل الشجاعة، وبالصدق قبل السلاح.
فكان صدى يقينهم يسبق هدير الصواريخ، وكانت مسيّراتهم تحمل رسائل من نور، لا من نار.
وها هم اليوم، شهداء على طريق القدس، وقد رسموا بدمائهم الطاهرة أبهى صورةٍ لنصرٍ يولد من رحم الإيمان، ويُصاغ من نار الصاروخ، ويُحلّق على أجنحة المسيرة.
لم تكن تضحياتهم لحظة انفعال، بل عقيدة راسخة، ووعدًا لا يُنكث.
قالوا للعالم:
“لسنا نملك الكثير، لكننا نملك ما هو أعظم… نملك الإيمان.”
قالوها بالفعل لا بالقول، بالدم لا بالحبر، فكانوا أوفى من أن تُنسى أسماؤهم، وأصدق من أن تُطمس آثارهم.
إن اليمن لم تقاتل من أجل حدودها فقط، بل من أجل حدود الكرامة.
لم تطلق صواريخها لتُرعب، بل لتُوقظ.
لم تُرسل مسيّراتها لتدمّر، بل لتقول: “نحن هنا… وفلسطين ليست وحدها.”
وإننا إذ نودّع شهداءنا، فإننا لا نرثيهم، بل نُبايعهم على المضيّ في الدرب، ونرفع رايتهم التي لم تسقط، بل ازدادت رفعةً وضياء.
نبايعهم على أن تبقى فلسطين في القلب، وأن تبقى البوصلة نحو القدس، وأن تبقى اليمن، كما عهدناها، شوكةً في خاصرة الطغاة، وصوتًا لا يلين في وجه الصهاينة وأعوانهم.
سلامٌ على الشهداء،
سلامٌ على القادة الذين آمنوا قبل أن يقاتلوا،
سلامٌ على كل من جعل من الإيمان سلاحًا، ومن الكرامة دربًا، ومن فلسطين عهدًا لا يُنسى.
وما النصر إلا من عند الله.
