من حصار إلى انبعاث قصة الإصرار والتحدي
عفاف فيصل صالح
في زمن تتلاعب فيه قوى الظلم بمصائر الشعوب، تظل الأمل شعلة لا تنطفئ، حتى في أحلك اللحظات. إن التاريخ يسجل بأحرف من نور كيف أن حصار الظلم والإقصاء لم يكن سوى حافز قوي لشعب عظيم، مؤمن بقضيته، يسعى لتحقيق حلمه في الحرية والكرامة و الإباء إن رحلة هذا الشعب ليست مجرد قصة عابرة، بل هي ملحمة تتجلى فيها إرادة البقاء وتحقيق الأهداف رغم كل الصعوبات.
تحالف العدوان، الذي اعتقد أنه قادر على قهر إرادة الشعب اليمني سيقف يوماً أمام مرآة الواقع، ليكتشف عجزه عن إطفاء نار الحرية التي تأججت في قلوب الملايين. فقد سعى هذا التحالف لتجريد هذا الشعب من مقومات الحياة اليومية، ولكنه لم يكن يعلم أن كل محاولة لقمعه لن تؤدي إلا إلى إشعال مزيد من الروح المقاومة. هذا الشعب الذي تحمل جراحات الفقد والحرمان حول كل صدمة إلى قوة دافعة تعيد تشكيل هويته.
لقد أظهر شعبنا عبر ثورة الـ٢١ من سبتمبر أن لا مكان لليأس في قلوب الأحرار، وأن الاجتياح لن يصنع إلا مزيداً من الإرادة في مواجهة الظروف القاسية. ففي كل زاوية من زوايا الوطن، وفي كل قلب ينبض بالثقة بالله وحب الأرض، تُكتب قصة جديدة من قصص الكفاح. بعزيمة لا تلين، واستعداد للتضحية، بدأ الشعب في تحويل الألم إلى طاقة إيجابية من خلال تمسكه بخيار الحياة. باتت الابتكارات المحلية وتجارب التنمية الذاتية أبرز تجليات هذا التحول، حيث أخذ أبناء هذا الوطن على عاتقهم مهمة إعادة بناء ما دمرته آلة الحرب.
من خلال العمل الجماعي، بدأ الشعب في تحديد احتياجاته، سواء في مجالات الزراعة أو الصناعة أو التعليم. ولأنهم مؤمنون بأن الاكتفاء الذاتي هو طريقهم نحو الاستقلال الحقيقي، فقد بدأوا في زراعة أراضيهم واستثمار مواردهم الطبيعية بدلاً من الاعتماد على الخارج. لم يكونوا مجرد ضحايا للحصار، بل أصبحوا رواد التغيير في معركة البقاء والوجود.
يدتبنيويد_تحمي ليست مجرد عبارة، بل تجسيد حقيقي لروح التعاون والتكامل بين أبناء هذا الوطن. فكل يد تمتد للبناء تجسد الأمل، وتنبئ العدو بأن حيلته قد ذهبت أدراج الرياح، وأن شمس الإرادة ستشرق بغدٍ أفضل. فقد تجسد هذا التعاون في إنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة تدعم الاقتصاد المحلي، وفي تنمية المهارات التي تجعل الفرد قادرًا على مواجهة التحديات.
إن يد الحماية تعكس التمسك بحقوقنا، وتؤكد على أننا لن نتراجع، بل سنكافح حتى آخر رمق. إن قوتنا في وحدتنا، وفي قدرتنا على التعبير عن مظلوميتنا بصوت عالٍ يشق آذان الظالمين ويزعزع أركانهم. ومع كل معركة تُخاض، ومع كل تضحيات تُبذل، يُثبت شعبنا للعالم أنه صامد في مواجهة كل مخاطر التهميش والإقصاء.
ويأتي دور الثقافة والفنون، التي أصبحت وسيلة للتعبير عن المعاناة والأمل، لتلعب دوراً محورياً في إلهام الناس وتعزيز حس الانتماء. الفنانون والشعراء و الكُتاب يُعبرون عن الألم والكرامة، مما يعزز الروابط الاجتماعية ويشجع الأجيال الجديدة على العمل على تطور الوطن. رسائلهم لا تطال فقط مشاعر المحنة، بل تدفع نحو رؤى جديدة مُلهمة للمستقبل.
إن تحالف العدوان وجد نفسه أمام حقيقة مُرّة: لقد فشل في إخماد الحلم، بل كان دافعاً له بمزيد من الصمود والانتصار. فليتذكر الجميع أن الشعب الذي يُصنع بفعل الإرادة والمقاومة هو أقوى من أي حصار أو اعتداء. إن هذا الشعب سيبقى حياً، يُثبت أنه رغم الجراح، لا يزال لديه القدرة على النهوض من جديد، مُشيداً مستقبلاً يسوده الأمان والرخاء.
و أعيد التأكيد على أن العمل والاجتهاد، الإرادة الصلبة، والتضامن بين أبناء هذا الشعب هي التي ستجعل منه مثالاً يحتذى به في تاريخ النضال من أجل الحريات والعدالة. إنها مسيرة طويلة وصعبة، ولكنها تستحق كل جهد و تعب لأن الأمل في مستقبل أفضل هو الذي يدفعنا للاستمرار في الكفاح لتحقيقه.
