استيقظ اللبنانيون على خبر تعيين ممثل مدني في لجنة الميكانيزم. هذا التعيين جاء في لحظة سياسية دقيقة، كما يعكس حجم الضغط الأميركي على الدولة اللبنانية وحجم التهديد والترويع الذي بُث عبر رسائل ممكن أن تكون جدية.
بعد هذه الخطوة التي لم تثر الجدل في الأوساط السياسية فحسب، بل تلقاها أغلب الشعب اللبناني برفض فكرة التطبيع والسلام! وما ما زاد الطين بله استثمار حكومة العدو لهذه الخطوة حيث باشر رئيسها بالكلام عن اتفاقيات اقتصادية، متجاهلاً أنّ الهدف من عمل لجنة “الميكانيزم” هو فقط وقف الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف الأعمال العدائية وانسحاب جيش الاحتلال من الأراضي اللبنانية المحتلة وإطلاق الأسرى اللبنانيين من سجون العدو.
كأنّ نتنياهو أراد إيصال رسالة مفادها أن التنازل اللبناني الجديد وتعيين مدني في لجنة “الميكانيزم” لن يكون له أي تأثير على مواصلة “إسرائيل” استباحة السيادة اللبنانية كلما أرادت ذلك، وكلما رأت أنّ هناك هدف ما تريد ضربه سواء بإنذارات مسبقة أو من دونها.
وبالفعل هذا ما حصل، إذ بعد مرور نحو 24 ساعة، جاء الردّ الإسرائيلي سريعاً ومباشراً، ليؤكّد أنّ خطوة تعيين ممثل مدني لم تُقرأ في تل أبيب كإشارة انفتاح أو مسعى لبناني نحو التهدئة، بل كنافذة إضافية لتصعيد الضغط وجرّ الدولة اللبنانية إلى مزيد من التنازلات والانكسار. ففي حركة تحمل طابع الرسائل العسكرية الواضحة، أقدم العدو على تحديد مواقع جغرافية جديدة للاستهداف، في خطوة لا يمكن فصلها عن التطورات السياسية الأخيرة.
هذه الخطوة جاءت وكأنها تقول للبنان إنّ «المفاوضات شيء، والواقع الميداني شيء آخر»، وإنّ تغيير طبيعة الوفد اللبناني أو إعطاء الطابع المدني للمسار لن يغيّر في قواعد الاشتباك التي تفرضها “إسرائيل” بقوة السلاح. فالإعلان عن هذه الأهداف لم يكن مجرد تطور عسكري عابر، بل بدا بمثابة استثمار مباشر.
يوحي هذا التطور بأنّ العدو يحاول دفع لبنان إلى موقف تراجعي مستمرّ، سواء عبر تخويف الدولة وإظهارها عاجزة أمام الشارع، أو عبر دفعها إلى التعامل مع اللجنة المستحدثة بوصفها الممرّ الوحيد للتهدئة، ما يحوّل المفاوضات إلى ورقة ضغط بدل أن تكون إطاراً لحماية السيادة.
إنّ تحديد أهداف العدو في هذا التوقيت، وبهذا الوضوح، هو رسالة ميدانية وسياسية في آنٍ معاً. وأنّ الضغط العسكري مستمرّ حتى تبقى الدولة ضعيفة وتنفذ جميع المطالب تحت الضغط.
والجانب اللبناني بالرغم من موقفه، هل سيبقى راضخاً لهذه القرارات والمطالب في حين أنّ لبنان يومياً تُستباح أراضيه ومقوماته، رغم أنّ لديه العديد من أوراق القوة وأهمّها الجيش والمقاومة…
محمد حسن علي زعيتر