بقلم: سعيد بن مسعود المعشني

لطالما كان تنظيم الإخوان ورقة في جيب الغرب، يُستحضَر متى ما استدعى الأمر ذلك للضغط على أيّ نظام عربي يحاول الخروج من بيت الطاعة.

تاريخ الجماعة وتقلب أحوالها يخبرنا بالكثير عن هذا الدور الوظيفي الذي لعبته لعقود طويلة.التلويح الأمريكي الأخير بإمكان حظر الجماعة باعتبارها «منظمة إرهابية» ليس جديدًا في جوهره، بل هو عود على بدء؛ فالجماعة التي أدّت دور الخنجر في ظهر الأنظمة العربية، ملكيةً كانت أو جمهورية، يبدو أنها استنفدت مهمتها ــ أمريكيًّا على الأقل ــ أو باتت كلفتها أعلى من جدواها.الارتدادات المحتملة لأيّ قرار أمريكي من هذا النوع، إن حدث، ستكون بمثابة زلزال سياسي وأمني في المنطقة العربية ومحيطها الجغرافي.

ولأن الفضاء العربي هشّ بطبيعته من الناحيتين السياسية والأمنية، فإن مثل هذا القرار قد يعيدنا إلى مناخات عدم الاستقرار والفوضى التي شهدناها في مطلع عام 2011م، وإنْ بصيغ وأدوات مختلفة.من الناحية النظرية، تبدو دولٌ كالأردن والمغرب في دائرة الخطر، نظرًا لحضور الجماعة في الحياة السياسية والمجتمعية في المملكتين، سواء عبر الأطر الحزبية أو الأذرع الدعوية والاجتماعية.

أما دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء قطر، فقد حسمت مسبقًا موقفها من الجماعة؛ فبعضها يصنفها تنظيمًا إرهابيًّا، وأخرى تحظر نشاطها تنظيميًّا داخل الحدود، وإن بقي المزاج الفكري والولاء التنظيمي حاضرًا في بعض البيئات.

وعلى الرغم من أنّ تنظيمات الجماعة، على تعدّد مسمياتها وواجهاتها، ليست في السلطة في أي دولة عربية اليوم، فإن محازبيها ومؤيديها منتشرون في أغلب الفضاء العربي والإسلامي، بل وفي المجتمعات الغربية أيضًا.

ومن هنا، قد يدفع القرار الأمريكي الجماعة إلى العودة مجددًا للعمل السري، وقد تؤدي الملاحقات الأمنية والتضييق الشديد إلى ولادة أجنحة مسلحة تمارس العنف والإرهاب، كما حدث مع العديد من تنظيمات الإسلام السياسي حين أُغلقت أمامها قنوات العمل العلني.

دول الخليج مدعوّة، في هذا السياق، إلى استباق القرار الأمريكي بمراجعة شاملة لوضع جماعات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها الإخوان، من حيث توصيفها القانوني وآليات التعامل معها، بما يضمن انسجام السياسات بين العواصم الخليجية وعدم فتح أبواب جديدة للخلاف البيني.

السؤال الذي سيبقى مطروحًا: هل تحرق واشنطن ورقة الإخوان نهائيًّا، أم تعيد تدويرها بصيغ جديدة؟