قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الرفيق مروان عبد العال، في مقابلة تلفزيونية أن ما يسمّى “إسرائيليًا” بـ«عام الحسم» ليس مجرد توصيف إعلامي، بل إعلان عن مرحلة تهدف إلى إعادة صياغة الضفة الغربية كفضاء استيطاني خالص، عبر الحسم الجغرافي والديموغرافي، وضرب أي إمكانية لنشوء دولة فلسطينية مستقبلًا.
وأضاف أن التهجير الذي تجاوز مئة ألف فلسطيني يُعدّ تطبيقًا عمليًا لسياسة «التطهير الزاحف»، حيث تُمارس الضغوط اليومية، والحصار، وقطع الطرق، والعنف المنهجي، لدفع الناس إلى الرحيل بصمت، دون الحاجة إلى قرارات رسمية أو ضجيج دولي.
وتابع موضحًا أن مشروع الاستيطان الجهنمي يشكّل قلب هذه الاستراتيجية الاستعمارية، لأنه لا يقتصر على توسع سكني عابر، بل على إعادة هندسة كاملة للجغرافيا: ربط المستوطنات الكبرى، عزل القرى الفلسطينية، فصل شمال الضفة عن جنوبها، تحويل القدس إلى مركز استيطاني محصّن، وشرعنة القتل والتعذيب والاعتداء على المدنيين تحت غطاء قانوني للاستيطان.
ولفت إلى التحوّل الخطير نحو الاستيطان الرعوي، الذي تجاوز البناء العمراني ليصبح أداة استعمارية مباشرة للسيطرة على الأراضي المفتوحة، ويمارس الاقتلاع بأساليب جُرّبت في غزة وتم تطبيقها تدريجيًا في الضفة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تغطي هذا الاستيطان وتعتبره قانونيًا ومشروعًا.
وأوضح كذلك أن المناطق المصنفة «ج» تشهد عملية ضم فعلية عبر قاعدة «الاعتراف فقط بالأراضي المسجلة»، ما يسمح بمصادرة نحو 70% من الأراضي لصالح المستوطنين، ويعيد رسم الخارطة الديموغرافية، محاصرًا الفلسطيني داخل مساحات ضيقة، بينما تتحوّل التجمعات الاستيطانية إلى ما يشبه «إسرائيل 2»، قوة فوق الدولة تدير الأرض والسكان بلا قيود.
وأكّد أن أي محاولة للتطبيع مقابل الاعتراف بدولة فلسطينية شكلية تُعدّ أخطر ما يمكن قبوله، لأنها تفصل الهوية الوطنية عن أرضها وتحوّل المشروع التحرري إلى مجرد عنوان رمزي، بينما يستكمل الاحتلال مشروع الضم على الأرض.
واستدرك موضحًا أن ما يجري في غزة وما يجري في الضفة ليسا مسارين منفصلين، بل جزء من مخطط واحد متكامل لإعادة صياغة فلسطين جغرافيًا وسياسيًا وتاريخيًا، وإخراج الفلسطيني من معادلة الأرض والسيادة.
وختم حديثه بالتشديد على أن اللحظة الراهنة تتطلب استراتيجية وطنية موحّدة، ومقاومة شعبية وميدانية بأشكالها كافة، وإعادة بناء البيت السياسي الفلسطيني على أسس الشراكة، إلى جانب موقف عربي واضح يعيد الاعتبار للصراع باعتباره صراع وجود، لا يُدار بالبيانات، بل بإرادة سياسية قادرة على حماية الشعب وكسر مسار الاقتلاع.
