على وقع التصعيد المتواصل في الجنوب اللبناني، تتشابك الرسائل الميدانية والسياسية في مشهد يعكس مرحلة دقيقة يختلط فيها صوت الطائرات بلهجة التحذيرات، فيما يواصل الاحتلال الإسرائيلي اختبار حدود الصبر اللبناني عند خطوط النار.

ومع استمرار الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، أصيب مواطن لبناني إثر استهداف مسيرة إسرائيلية سيارة مدنية قرب مستشفى بلدة تول في قضاء النبطية.وفي سياق متصل، أغار الطيران الحربي الإسرائيلي على أطراف بلدة طيرفلساي في قضاء صور، فدمر منشأة سياحية بالكامل عند مجرى نهر الليطاني، وألحق أضرارا جسيمة بمجرى النهر. كما طاولت الاعتداءات حي الخانوق في بلدة عيترون، فيما ألقيت قنبلة صوتية على شاطئ الناقورة.

في مواجهة هذا التصعيد، شدد الرئيس اللبناني جوزف عون خلال لقائه المستشارة السياسية للرئيس الفرنسي، على أن ما يمنع الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود الدولية هو استمرار الاعتداءات الإسرائيلية.

عون أكد أن الجيش يواصل مهامه خلافا لما تروج له تل أبيب، مرحبا بأي مشاركة أوروبية في حفظ الاستقرار جنوبي البلاد بعد انسحاب قوات اليونيفيل شرط أن تكون بالتنسيق الكامل مع الجيش.

كما أشار إلى أن خيار التفاوض وحده كفيل بإعادة الاستقرار إلى البلاد، محذرا من أن استمرار العدوان لن يحقق أي نتيجة.

سياسيا، ترى الأوساط المتابعة أن الجنوب اللبناني بلغ مرحلة ‘لكل شيء حد’، وأن ‘حزب الله’ يثبت خطوطه الحمراء ويرسم سقف التنازلات، واضعا معادلة واضحة: لا نزع للسلاح تحت الضغط، ولا أمن مجانيا للاحتلال مقابل استقرار ناقص للبنان.وفيما يواصل الاحتلال سياسة القضم البطيء جنوبا، محاولا فرض وقائع جديدة دون كلفة حرب شاملة، تسعى واشنطن إلى تحويل شعار ‘حصرية السلاح’ إلى أداة ضغط سياسي واقتصادي على الدولة والجيش معا.لكن في ظل هذه الضغوط، يؤكد الحزب أن الصبر ليس بلا حدود، وأن أي تجاوز سيقابل برد محسوب يعيد التوازن إلى معادلة الردع.

وبين الغارات والرسائل السياسية، يقف لبنان عند مفترق دقيق… فبينما يراهن الاحتلال على إنهاك الداخل، يبدو أن معادلة المقاومة تكتب بوضوح: السيادة لا تمنح… ولكل شيء حد.