الشهداء ميراث العطاء الأعظم
هبـــــــة آل سفيــــان
في ساحة الوطن، تتشابك خيوط الحزن العميق بالفخر الأبدي.
قد يخيم الأسى على مآقينا ويثقل القلوب، لكن صوت طبول العزة يبقى، أعلى وأشد قرعاً، يصدح في وجدان كل ذي شهيد. إنها ليست مجرد ذكرى عابرة، بل هي وقفة إجلال أمام قمم شامخة بذلت أثمن ما تملك لتهدينا أثمن ما نملك” الحياة بكرامة” هذه هي قصة الأرواح السامية التي ارتقت، تاركة خلفها ميراثاً منيعاً لا يزول، فكانوا هم الشهداء الأبرار، خزانة المجد التي لا تفنى.
إن أرواح أبنائنا الأوفياء الذين ارتفعوا إلى العلا، لم تذهب سدى، بل كانت الثمن الغالي والنفيس لبقائنا أحياء أعزاء. لقد قدموا أجسادهم جسوراً للعبور، وسال دمهم قلماً إلهياً خط فصولاً جديدة في صروح التاريخ الوطني. بدمائهم الزكية حيكت خيوط العزة لنسيج تاريخ لم يُبنَ بالطين أو الحجر، بل شيد بتضحيات الأبطال وفيض عطائهم الذي لا يحد.
في ذكرى كل شهيد، يلوح أمامنا نهر من العطاء لا يعرف الجفاف، منهل صاف لا يرتوي منه إلا من أخلص البيعة لله والوطن. إنهم الأبطال الذين رفضوا أن يعيش الشعب تحت وطأة الذل والهوان والخضوع لأي أجندات خارجية، فجعلوا من دمائهم صك حرية لا يبطل. لقد أثبتوا بدمائهم أن الأرض لا تزهو ولا تورق أشجارها ولا تثبت قواعدها إلا بفيض دم الأحرار الأطهار.
في هذه الذكرى الخالدة، لا نملك إلا أن نجمع بين دمعة الفقد وابتسامة الفخر، ففي الوقت الذي تعتصر فيه قلوبنا لغيابهم، نرفع رؤوسنا إلى عنان السماء بهؤلاء العظماء الذين اختاروا السير على سيرة آل البيت الأطهار، من حسين السبط إلى حسين مران، مؤسسين بذلك صرحاً شامخاً وهامات لا تنحني أمام جبروت الباطل.
إنهم لم يرحلوا، بل أصبحوا مشاعل نور تضيء درب الأجيال القادمة، ودليلاً على أن قيمة الإنسان تقاس بمدى عطائه وتضحيته من أجل قضية عادلة. فلنحمل أمانة دمائهم، ولنواصل الطريق الذي مهدوه، طريق العزة،والكرامة، ورفض الخنوع. تحية إجلال لأرواحهم الطاهرة التي ستبقى روحاً خالدة في وجدان هذا الوطن.
