خطوة مشبوهة.. وتسليم مجاني
في الوقت الذي لا يزال فيه العديد من الأسرى اللبنانيين يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أقدمت السلطات اللبنانية على تسليم معتقل “إسرائيلي” إلى الجانب “الإسرائيلي”، في خطوة أثارت الكثير من علامات الاستفهام حول دوافعها وتوقيتها.
والأخطر أنّ هذه العملية لم يُعلن عنها رسميًا في لبنان، بل جرى تمريرها بعيدًا عن الأعين، إلى أن فضحتها وسائل إعلام العدو التي سارعت إلى تغطيتها وإبرازها.
هذه الحادثة تضع الدولة اللبنانية في موقع المساءلة الشعبية والسياسية على حد سواء، إذ إنّها أهدرت ورقة تفاوضية ثمينة كان يمكن أن تُستثمر لتحرير أسرى لبنانيين في مقابل هذا المعتقل.
فالتجارب السابقة أثبتت أنّ أي أسير لدى لبنان، مهما كان وضعه، يُشكّل نقطة قوة يمكن استثمارها في التفاوض مع العدو.
لكن هذه الورقة ضاعت هذه المرة بلا مقابل، ما يُظهر استخفافًا بالحقوق الوطنية وبمعاناة الأسرى وعائلاتهم.
الأمر لا يتوقف عند حدود إضاعة فرصة تفاوضية، بل يتجاوز ذلك ليعكس ذهنية سياسية ما زالت تصر على التفريط بأوراق القوة المتاحة، وتفضيل سياسة الانبطاح أمام الضغوط الخارجية.
وهو ما يُكرّس صورة الدولة العاجزة عن حماية سيادتها وعن استخدام أوراقها بما يخدم مصلحتها الوطنية العليا.
إنّ ما جرى يطرح أسئلة جوهرية: لماذا هذا التنازل المجاني؟ ومن المستفيد من تمرير الخطوة في الظلّ بعيدًا عن الشفافية؟ ولماذا لم يُطرح الأمر على الرأي العام اللبناني؟
في ميزان السياسة والكرامة الوطنية، لا يمكن النظر إلى هذه العملية إلا باعتبارها تفريطًا جديدًا بورقة قوة لبنانية، وتأكيدًا على نهج رسمي مأزوم يفتقد إلى الرؤية الاستراتيجية في مواجهة العدو.
أما صون أوراق القوة، فمسؤولية وطنية لا تحتمل المساومة، لأن أي تنازل مجاني لا يصب إلا في خدمة الاحتلال ويُضعف الموقف اللبناني في أي استحقاق مقبل.
حزب الله الإلكتروني