جورج إبراهيم عبدالله… نبيُّ الحرية في زمن الأسر وقُدّيسُ المقاومة في محراب فلسطين.
✍🏻 عدنان عبدالله الجنيد.
في زوايا التاريخ حيث يُصنع العظماء من صلابة الألم وحكمة الصبر، يسطع نجمُ اسم جورج إبراهيم عبدالله.
ذلك الفلاح النبيل الذي حمل من اسمه ومعناه أسمى معاني القوة والكرامة والتحدي.
“جورج”، الاسم من أصول يونانية يعني “عامل الأرض”، لم يكن مجرّد لقب عابر، بل عنوان روحٍ متجذرة في أصالة الأرض وحميمية النضال.
إنه رمز شجاعته توازي قداسة القديس جرجس الذي لا يغيب ذكره عن ذاكرة المسيحيين؛ قوة لا تلين ونقاء لا يشوبه تراضٍ أو تساهل.
وفي اسم “عبدالله”، تتضافر صورة “الخادم المطيع لله” بصدق المحبة والتواضع، متسلحًا بعقل رشيد وقلبٍ رحيم. يمضي في سبيل مبادئه كأنها العهد المقدس الذي لا ينكسر، رغم أنفِ الزمن ومنظومات الظلم.
أما “إبراهيم”، فذلك الأب الرفيع الذي يشع ضياءً في كل أديان التوحيد، رمز الإيمان والتضحية.
هكذا، كان جورج إبراهيم عبد الله يحمل عبئًا ثقيلًا على كتفيه؛ لم يكن مجرد رجل، بل صار نموذجًا لفارس الأرض، رجل المبادئ الذي يقف شامخًا رغم طول المحن، ويحمل بين الضلوع نبض فلسطين، وصدى كل المظلومين.
لم يكن جورج رجلاً عاديًا في معركة مقاومة الاحتلال الصهيوني، بل قائدًا ومقاتلًا ومثقفًا.
كان ينتمي إلى صفوف الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية ذات التوجه الماركسي اللينيني، التي كانت ترفض الاحتلال بجسارة.
هو الذي ارتبط اسمه بعمليات نوعية، أبرزها تصديه للوجود الأميركي والإسرائيلي في باريس عام 1982، في حقبة كانت فيها أوروبا مسرحًا رئيسيًا للصراع.
هذه العمليات، التي نفذتها الفصائل الثورية ضد مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، عكست إيمانًا عميقًا بأن النضال يجب أن يكون عالميًا.
نتيجة لذلك، حُكم عليه بالسجن المؤبد، لكنه كان ولا يزال يمثل رمزًا للنضال الصادق، وتجسيدًا حقيقيًا لصوت المقاومة الذي لا يُقهر. في زنزانته الباردة، لم يُسلّم جورج نفسه لسواد السجون، بل جعل منها محرابًا لنقاء الثبات، مذبحًا للأمل، وصرخةً تتحدى العالم.
إنه الرجل الذي لم يطلب العفو، ولم يخضع للمساومة، ورفض الاعتذار، مدافعًا عن قضيته بعقلٍ راجح، وقلبٍ مفعمٍ بالوفاء.
يقول جورج إبراهيم عبدالله:
“لم أبحث عن طريق قصيرة، بل عن طريق عادلة، حتى لو كانت ممتدة في دروب الألم والظلم.”
ورغم تواطؤ وتكالب قوى الاستكبار العالمي في إطالته داخل السجون، ورغم الضغوط الأمريكية والإسرائيلية التي تقف حجر عثرة أمام إطلاق سراحه، يبقى اسمه صدى ثورة ورمزًا عالميًا يفضح زيف الحضارة الغربية حين تواجه رجلاً يحمل قناع العدالة والحق. في كل بقعة ترفع فيها راية المقاومة — من لبنان إلى فلسطين، من غزة إلى اليمن — يُذكر جورج إبراهيم عبدالله بكل فخر، باعتباره نموذجًا نادرًا يتحدى الطائفية والمناطقية، ويربط بين القلوب والأرواح في معركة لا تنتهي من أجل الحرية والكرامة.
اليوم، حين تتهاوى القيم ويتراجع صوت الحق، ويغرق العالم في هرولة التطبيع والتسويات العبثية، يظهر جورج إبراهيم عبدالله كمنارة ثابتة، تصارع عواصف الزمن وتعلّمنا أن الحرية ليست منحة من سجّان، بل حالة وجودية لا تقبل القيد.
من زنزانته، يرسم طريق القدس، ليس بالخطابات المتكررة، بل بصمتٍ ثقيلٍ أبلغ من كل الكلمات، وبثباتٍ يفوق كل المدافعين، وبقلبٍ لم يعرف الاستسلام.
وأن تحرير الأسير المحرر هو ثمرة من ثمار طوفان الأقصى ،وببركات دماء الشهداء الزكية على رأسهم الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه.
يا قديس المقاومة، يا نبي الحرية الذي لم يُكسر، سلامٌ عليك ما بقيت الحرية مغتصبةً، وما بقيت فلسطين تنزف، وما بقي هناك من يختار درب العزّة ولو على جمر السجون.
✒️ صادرٌ عن القلم المقاوم – عدنان عبدالله الجنيد
🕊️ من اليمن…
يمنِ الإيمانِ والحكمة، ومهدِ الفتوحاتِ وعرينِ الأبطال، من أرضِ الأنصارِ وأحفادِ القادةِ الغرّ الميامين، من هويةٍ إيمانيةٍ رسّخها الوحيُ، ومشروعٍ قرآنيٍّ يشرقُ منه الهدى، وقائدٍ ربّانيٍّ أغلقَ البحرَ بإرادةِ الحقّ، بينما عجزَ الآخرون أن يفتحوا معابرَ الصمتِ العربي…
هنا، حيثُ الرجالُ يُقيمون الحُجّة على التاريخ، لا يُهزَمونَ وإن تواطأ الزمان، ولا يُخضعون الجباهَ إلا لله، ولا يفاوضون على شرفِ الوقوفِ مع غزةَ وفلسطين.
من هنا نُعلنها:
سَـنَـصُدُّ البحرَ إن جاءَ غازيًا، ونَفتحُ طريقَ الدمِ للشرفاءِ العابرين…