ثمن قبقاب سندريلا

15 08 2024 7:00 صباحًا
أغسطس 15, 2024

وأين أجد لك حذاء ساندريلا يا سوسو؟
بمجرد أن سمعتُ السيدة تحاور طفلتها التفتُّ إليها، وحينما رأيتُ وجه سوسو الجميل وضفيرتها الخمرية، قلتُ في نفسي: معك كل الحق يا صغيرتي! أن ترفضي انتعال القباب؟
اشتد الحوار بين سوسو وأمها، حتى ارتفع صوت الأم غاضبةً: أنا مشيتُ مسافة تتجاوز الساعتين في عزّ الحر، لأجد لك هذا؟ وأنتِ تعلمين أنني لم أجد غيره؛ إذا لم تختاريه ستمشين حافيةً على الرمال الملتهبة! أنت اختاري وحددي!
وقفتُ لحظةً أتأمل عينيّ سوسو وهي تقلّب القبقاب، وتقارن شكله الذي لم يرُقْ لها؛ وبين المشي حافيةً على رمال المواصي المشتعلة بذاكرة اليوم.
بينما كانت أمها تجادل البائع، وتقارن ثمن القبقاب الغالي بثمن حذاء ساندريلا الذي كانت تحلم طفلتها به.
ثمن القبقاب اليوم أثقل من ثمن الجغرافيا، ووزنه أثقل من أسئلة التاريخ التي كنا ندرسها: لماذا قتلوا شجرة الدر بالقباقيب؟ ولماذا مشى الفدا ئيون على الجمر حتى ذابت أقدامهم؟ ولماذا نحن نمشي حفاةً نحمل أوجاع الدروب؟ ولماذا اوطاننا مرصوفةٌ بالنيران. لماذا يلبس أطفالنا القباقيب ويمشون على جغرافيا الموت بحسرة التاريخ؟! لماذا.. لماذا كل هذا يحدث الآن؟

طال تأمل سوسو بالقبقاب الجديد، وطال تأملي بتصدّع التاريخ، حتى كسر جدارَ الصمتِ صوتُ السيدة: وماذا يا سوسو! هل اخترتِ؟ حتى نغادر مبكرا ياماما!
بحسرةٍ وتردد حملتْ الطفلةُ القبقاب: ليس من خيارٍ آخر لي يا ماما. سأنتقيه!
كان صوتها منكسرا، يمسحه صوت أمها: أعدك، حينما تنتهي الح رب سننتقي حذاء من الكريستال…
انتشى حلم الفتاة وبدأت تقول: لا ياماما! أريد حذاء يشبه حذاء ساندريلا لونه أبيض لامع، عليه نجوم صغيرة وزهراتٌ صغيرة على جانبيه، وأريد معه إسورة كريستال وطوق لشَعري وفستان وردي منفوش.
ابتلعت الأم دمعتها، وابتسمت بحسرةٍ وطفلتها تنتعل القباب، ثم أمسكت بيدها! وغادرتا المكان، وهما تتحدثان عن الفستان المنفوش وحذاء ساندريلا!
بينما صوت طرقات القبقاب في أذني (دُم.. دُم.. دُم..دُم ) مثل طبول الحروب الوثنية القديمة..

الأربعاء ١٤ أغسطس ٢٠٢٤م
١:١٥ م
النصيرات غزة فلسطين

مريم قوس – غزة