الوحدة اليمنية ليست حدثًا طارئًا ولا خيارًا سياسيًا يمكن التراجع عنه تحت ضغط المتغيرات، بل هي قدر تاريخي وهوية وطنية متجذرة في عمق الأرض والإنسان. فمنذ فجر التاريخ، كانت اليمن أرضًا واحدة، موطنًا للعرب الأول، ومهدًا لحضارات عظيمة كسبأ ومعين وحِمير، حضارات توحدت فيها الجغرافيا واللغة والثقافة والعقيدة.

الوحدة اليمنية التي أعيد إعلانها في 22 مايو 1990، لم تكن مجرد توقيع على ورقة، بل كانت حلمًا متراكمًا تجسد بعد عقود من التشطير القسري الذي فرضه الاستعمار البريطاني على الجنوب والهيمنة العثمانية على الشمال، وكأن التاريخ يعيد نفسه في مشهدٍ معاصر يُراد فيه تمزيق اليمن مجددًا، لا بإرادة اليمنيين، بل بأطماع الغزاة الجدد.

ما يجري اليوم من محاولات لتقسيم اليمن عبر مشاريع الأقاليم أو الأصوات الداعية للانفصال ما هو إلا امتداد لمشاريع استعمارية تتبناها قوى إقليمية ودولية، تسعى لنهب الثروات وتمزيق الهوية.

أدواتهم في الداخل ليست سوى بيادق تتحرك بإيعاز الخارج، متغافلين عن أن الشعب اليمني عصي على الكسر، وواعٍ لكل المؤامرات، ولا يمكن له أن يفرط بوحدة وطنه التي رُويت بدماء الشهداء وتضحيات الأحرار.الوحدة ليست فقط جغرافيا، بل هي وجدان شعب، وعقيدة وطنية، وأمل في مستقبل يليق بتاريخ عريق. لا يمكن لمجموعة من المرتزقة أو دعاة الفتنة أن يسلبوا اليمنيين هذا الحلم.

إن الوعي الشعبي المتجذر في كل بيت وقرية وسهل وجبل، هو الحصن الحصين الذي أفشل وسيفشل كل محاولات التشطير والتقسيم.

وفي الذكرى الخامسة والثلاثين للوحدة، نؤكد أن اليمن الواحد هو قدر لا حياد عنه، وأن كل المساعي الرامية لتفتيت الوطن ستتحطم على صخرة صموده. فاليمن، الذي احتضن ثورات التحرير في الشمال والجنوب، والذي قاوم العدوان والحصار، لن يساوم على وحدته، ولن يفرط في ترابه مهما اشتدت المؤامرات.

الوحدة اليمنية هي الروح التي تسكن كل يمني شريف، وهي القاسم المشترك الذي لا يقبل القسمة، وهي العهد الذي لن يُنقض، بإرادة شعب لا يرضى الهوان، وعزيمة قيادة مؤمنة بأن قوة اليمن في وحدته، واستقراره في تماسكه، ومستقبله في الحفاظ على هويته الكاملة.

لا مساومة على الوحدة، ولا مكان للمشاريع الصغيرة في حضرة الوطن الكبير.

أم هاشم الجنيد 🇾🇪