من يراقب المشهد الحالي بشكل عام و ما يجري في فلسطين و سورية بشكل خاص، يقتنع تمامًا أن المشروع الصهيوأمريكي فعَّل أدواته لكي يحاول كسر مشروع المقاومة في المنطقة .
ففي فلسطين زادَت ما تسمى بالسلطة الفلسطينية ، من استهداف المقاومين من خلال شنِّ حملةٍ عسكرية مسعورة بدأت في مخيم جنين ، في تماهٍ واضحٍ مع الاحتلال ، و لم تكلِّف السلطة نفسها عناء تبرير هذا الفعل المشين حيث اكتفت باستخدام سرديات الاحتلال ذاتها التي أطلقها في غزة و الضفة من خلال وصفه المقاومة بالإرهاب ، و نرى أن كل عدوٍّ للصهيوني على مستوى محلي أو إقليمي أو عالمي هو عدوٌّ لهذه للسلطة!
أما في سورية نشاهد أن هناك “حكومة جديدة” تستهدف الشعب السوري و أقلياته ، و تطمئن الصهيوني كأنها تقول له: أننا لن نصطدم بك لو مهما فعلت ، و هذه الحكومة الجديدة على عداوة مطلقة مع حزب الله الذي هو عدو للصهيوني و على عداوة مطلقة مع إيران التي هي أيضًا عدو للصهيوني ، و أعلنت بكل وضوح أنه لا توجد أيَّة مشكلة بينها و بين الكيان الصهيوني ، و برر المدعو الجولاني في إحدى لقاءاته الصحفية أن استهدافات العدو الصهيوني لسورية كانت من أجل القضاء على حزب الله و كأنه يتفق معها في ذلك بل و دوره مكمِّل لذلك ، و من يقرأ جيدًا في السياسة يجد أن هذه التصريحات تقودنا إلى أن هنالك تطبيع قريب ، و الحكومة السورية الجديدة مستعدة لذلك ، و استعلاء الصهيوني على أذنابه هو من يؤخر هذا التطبيع و كلمة تطبيع ما هي إلا مصطلح صار رائجًا لتجميل الحقيقة حيث أن إقامة العلاقات مع الصهيوني ما هي إلا خيانة عظمى لا للقضية الفلسطينية فحسب بل للإنسانية..
و أما المشروع الصهيوني فيبدو أنه يطمح إلى ما هو أبعد من تطبيع ، و ما يقودنا إلى ذلك تزامن توغل الصهيوني المريب في الأراضي السورية ، مع عمليات نزع الأسلحة من المواطنين التي تقوم بها هيئة تحرير الشام ، و كأنها تعبِّد الطريق أمام الصهيوني ، ذو الفكر الإمبريالي ، و الذي صدر عن قادته تصريحات تثبت نيَّته باحتلال سورية بالكامل ، و آخرها تصريح مجرم الحرب “سموتريتش” الذي قال “ سيتم بناء الهيكل المزعوم على أنقاض الأقصى قريبًا وإن القدس يجب أن تمتد حتى دمشق” ، فهل من المستبعد و بعد التمعُّن فيما تقدم، أن يكون دور “هيئة تحرير الشام” في سورية هو نفس دور “السلطة الفلسطينية” في فلسطين؟
أم هل يتوجب علينا أن ننتظر مشهدًا أكثر وضوحًا ، لكي لا نتهمَّ بالمبالغة ؟! لا وقت للانتظار فالدبابات الصهيونية تبتلع سورية…
أبو الأمير-القدس