نعم، أنه التيه الثالث….
إذا (بي بي) أقال غالانت….
ذكروني متى حصل هكذا امر، (دولة) في خضم حرب مصيرية تقيل وزير دفاعها، و تستبدله في المنصب بوزير خارجيتها، حتى سلفادور دالي لم يكن ليتصور لوحة سريالية أكثر من ذلك…
على مدى عام تم تغيير اسم هذه الحرب من (حرب السيوف الفولاذية) ألى (حرب بهجة التوراة) إلى ( حرب النهضة)….
حسناً، كيف يكون سقوطك مدوياً؟…
عندما تختار سقفاً عالياً….
هذا ما أدركه غالانت…
يوأف غالانت وزير الدفاع الصهيوني، أسماه والده على اسم معركة يوأف التي شارك فيها في النقب، غالانت ضابط متمرس على مدى 33 عاماً، على فكرة أكبر إنجازاته كان مجازره بحث الفلسطينيين في عملية (الرصاص المصبوب) عام 2010، بعد ذلك بدأ الترقي في قيادة الجيش الصهيوني….
هذا الغالانت تم استيداله حالياً بدبلوماسي، إهم إنجازاته العسكرية أنه قام بقفزة مظلية من الطائرة اثناء خدمته في لواء المظليبن، إذاً والحال هذه، على وزير الدفاع الجديد، وحتى يثبت نفسه، عليه أن يقتل ويدمر أكثر مما فعل سلفه…
من المعروف أنه في رهانات سباقات الأحصنة، لا أحد يغير الرهان أثناء السباق، وفي حال كان هناك حصان قد فاز في سباق ما يستمر الرهان عليه، لا أحد يغير الأحصنة أثناء السباق، لا احد يغير الحصان الفائز، على فكرة هذا ينطبق أيضاً على سباق الكلاب السلوقية، و في لعبة كرة القدم لا أحد يغير التشكيلة التي تفوز…..
هذا يجعلنا نستقرئ السبب وراء إقالة غالانت…
أنه الفشل…
في عام 1998، في كأس العالم في فرنسا، أقال السعوديون مدرب منتخبهم البرازيلي كارلوس ألبيرتو بيريرا، من تدريب المنتخب بعد الهزيمة من الدنمارك 1-0 في المباراة الأولى، أملاً في تحقيق نتائج أفضل في المباريات القادمة، هذه كانت أول مرة في تاريخ البطولات الكبرى تتم إقالة مدرب أثناء البطولة، و للتذكير كارلوس ألبيرتو بيريرا هو كابتن منتخب البرازيل في كأس العالم 1970، صاحب أجمل هدف في تاريخ نهائيات كأس العالم و هو الهدف الرابع في مرمى إيطاليا في المباراة النهائية، و التي انتهت 4-1 لصالح البرازيل، تم استبدال كارلوس ألبيرتو بيريرا بالمدرب السعودي محمد الخراشي…
المباراة التالية كانت مع فرنسا، و النتيجة 4-0 لصالح فرنسا، رغم طرد زين الدين زيدان!!!…
تسألون لماذا أوردت هذا المثال؟؟!!…
يبدو أن الصهاينة و لكثرة احتكاكهم مع السعوديين في الفترة الأخيرة قد أصيبوا بعدوى منهم….
تسألون أي عدوى؟؟…
عدوى (الغباء العضوي البنيوي)…
فإذا أضفنا (فوبيا القلق الوجودي) إلى هذا المرض، نستطيع أن نستنتج أن الكيان يكتب إصحاحه الأخير بنفسه….
أو لنكون أكثر دقة، يعيدون كتابته، عودوا إلى (سفر زكريا)، الاصحاح الرابع عشر….
ترى من أطلق عليه هذا الاسم (الاصحاح الأخير – سفر الخروج)؟؟!…
انا اسميته كذلك…
دعكم من كل الكلام، أن غالانت تمت إقالته لأسباب سياسية، غالانت إقيل لأن الجيش الصهيوني فشل في تحقيق أهداف الحرب على غزة و على لبنان، عدا عن ذلك، غالانت قد عرف في قرارة نفسه و أنه بعد كل ما حصل من تدمير و قتل و اغتيالات، و لم يحقق الكيان أهدافه من الحرب، صار لزاماً سلوك طريق آخر، ألا وهو طريق (التنازلات المؤلمة)، كما أسماها هو بنفسه، حتى لاينهار الجيش على نفسه، والتي تعني ضمناً تجرع هزيمة صغيرة، افضل من تلقي هزيمة مجلجلة أن أستمر القتال، و هذا كان مقتله، أنه أقر بالحقيقة، أن الكيان لم ينتصر في هذه الحرب و لن ينتصر، و أنه على مشارف هزيمة كبيرة…..
(الصهيونية الدينية) ذات العقلية القطيعية الحدية والبعد الواحد، لم تستطع تقبل هكذا أمر، لذلك كانت إقالته، و هذا لمسناه من خلال تصريحات (بن غفير)، الذي هلل كثيراً لإقالته…..
قلت سابقاً أن خيار الجنون قد تم تفعيله في الكيان الصهيوني…..
تسألون ما هو خيار الجنون هذا؟؟….
أعود بكم بالذاكرة إلى عام 70 ميلادية، عندما حاصر الجنود الرومانيون مع (اليهود العلمانيين) اليهود المتطرفين في قلعة مسعدة جنوب البحر الميت، و بعد أن اشتد الحصار فرض الحاخامات المتطرفون في القلعة على كل اليهود الموجودين في القلعة الانتحار، و انتحروا جميعاً، رجالاً و نساء و أطفالاً….
(مأساة الماسادا) أو مسعدة ترسخت في الوجدان اليهودي وسواساً قهرياً، حتى أنها أصبحت أحد عبارات (النشيد الوطني) للكيان، أنها لن تتكرر، و لكن (اللاوعي) عند (الصهيونية الدينية) يدفع باتجاه تكرارها دائماً، لأنها الأسلوب الأمثل و الأنجع لاستمرار جذوة (الفكرة التلمودية) القائمة على (المظلومية) التاريخية، و مثال ذلك الهولوكوست المزعوم، و الذي على فكرة ساهم فيه اليهود بدرجة كبيرة….
لا نحتاج الكثير من الذكاء لنستنتج أن غالانت تمت إقالته، عشية الانتخابات الإمريكية حتى يتجنب نتنياهو الصدام مع الإدارة الأمريكية الحالية، تلك الانتخابات التي يقع الاختيار فيها مابين (ابو لهب) و (حمالة الحطب)، ولكن هناك ما هو أهم، غالانت تم تقديمه قرباناً على مذبح نجاح ترامب، ترامب مع فكرة أن يتوسع الكيان أكثر، وقد تحدث عن ذلك علناً، و مع فكرة ضم الضفة، و غالانت كان (العاقل) الأخير في الإدارة الصهيونية، انه يدرك أن ذاك سيكون المسمار الأقوى في نعش الكيان….
بعيد حرب تشرين عام 1973، انتهج الصهاينة قاعدة (الشخص العاشر) لاتخاذ القرارات في القضايا الأمنية والخطيرة والكبرى، خلاصة هذه القاعدة أن تسعة أشخاص يناقشون أمراً ما، و يضعون كل الخيارات على الطاولة، يأتي الشخص العاشر ويضع خياراً أو خيارات غير معقولة أو احتمالاتها ضئيلة جداً وغير موجودة ضمن الخيارات السابقة، أو قد يقدم خياراً تم وضعه في المرتبة الأخيرة من الخيارات السابقة إلى المرتبة الأولى، ومن ثم يعاود الكل النقاش….
يبدو أن غالانت كان الشخص العاشر….
ألم اقل لكم أن خيار الجنون قد تم تفعليه؟….
عقلية (الحريديم) هي من تحكم الكيان الآن….
على فكرة (الحريديم) هم النسخة التلمودية من (داعش)….
وكما كان الحل مع داعش هو (والله لنمحيها)، هذا هو الحل الوحيد مع هذا الكيان….
صحيخ، نسيت أن أخبركم، اليوم هو ذكرى اغتيال رئيس وزراء الكيان اسحق رابين….
هل تحدث المفاجاة؟؟…
باسل علي الخطيب