السنوار وأثر استشهاده

24 10 2024 7:00 صباحًا
أكتوبر 24, 2024

أحدث استشهاد السنوار حالةً في كل بقاع الدنيا، فكان مشهده الأخير بمثابة صدمةً لوعي البشرية، لتتصدر صورته وهو يلقي بعصاه وجدان الأحرار، فاتسعت خارطة غزة على سائر جغرافيا الكرة الأرضية بمدى أوسع من مداها المرسوم على الخارطة، رمى عصاه بعيداً عن أفق ناشر المشهد الأحمق الذي ظنَّ بأنه بنشره هذا المقطع قد نال من قيمة السنوار أمام شعبه حين أظهره في لحظاته الأخيرة، فانقلب السحر على الساحر.

عجَّت وسائل التواصل في العالم إعجاباً واندهاشاً ببطولة الشهيد الذي تجاهل آلامه الناتجة عن إصابته خلال الاشتباك مع آلة الحرب الصهيوأمريكية، فلم يرفع رايةً بيضاء ولم يتوقف عن القتال على مدار ستة ساعات حتى نفسه الأخير، نفذت كل ذخيرته وبقي جسده المصاب وعصا يتوكأ عليها، فرماها نحو عدوه ولفظ أنفاسه الأخيرة في سبيل وطنه وشعبه وقضيته ودينه.

حلقت عصا السنوار بعيداً حتى تلقفتها أيدي الأحرار من كل الأمم، وكان المدونون اليابانيون على وسائل التواصل الإجتماعي أحد أولئك المتلقفين ، فنشروا له صورةً وهو على هيئة مقاتل ساموراي موشحاً سيف الكتانا مرتدياً درعهم الشهير واضعاً لثاماً يشبه الكوفية الفلسطينية، رأوا في هذا المشهد ما يشبه نهاية كل مقاتل ساموراي في لحظاته الأخيرة في ميدان القتال، فما لبثوا أن اعتبروه من بقايا رجال الساموراي، الذين برزوا في القرون الوسطى أصحاب المكانة العالية جداً في الثقافة اليابانية الشعبية و المستمرة إلى يومنا هذا.

يتبع مقاتلو الساموراي قوانين “بوشيدو” للفصائل العسكرية وعرفوا باللامبالاة بالألم وكانوا من أصحاب الولاء الثابت والعزيمة والقسوة والصمود في القتال وعرفوا بأنهم يقاتلون حتى الرمق الأخير، هم ببساطة يقدمون أرواحهم من أجل الشرف والمبادئ، كما أن المدونين قاموا بتشبيه غزة بهيروشيما وأن الكيان يسعى لإبادة الفلسطينيين كما فعلت الولايات المتحدة تجاه شعب اليابان في هيروشيما ونكازاكي في الحرب العالمية الثانية.

حقيقةً لا أعلم إن كانت عصا السنوار قد وقعت أم أنها لاتزال  تحلق في الهواء ولا أعلم ما مدى الحدث الذي سينتج عنها ومدى تأثيرها، في كل يوم نرى أثراً لها في مكان ما، حتى بتُّ أظن أنها لن تسقط إلا بعد سقوط الكيان.

صلاح الدين حلس