ليس رجمًا بالغيب ، ولا سبرًا لأغوار المجهول ، ولكن السياق المنطقي للحتميات التاريخية كان يجزم من دون إعمالٍ للقدرات الاستشرافية ، ومن دون تكبّد عناء الاستبصار لما هو إتٍ في قادم الأيام ، يجعلنا نتوقّع من دون الوقوع في رذيلة التنجيم ، بأن رجلاً مثل السنوار لا بد وأن يغادرنا بمثل هذه المغادرة ، مقتحماً على الموت خلوته ، وممسكًا بتلابيبه ، وملاحقاً إيّاه حتى يتقمّصه ، غير مبالٍ بأيّ شيءٍ إلّا تحقيق العدل والإنصاف ، وتقويض صروح الظلم والظالمين ، وتشييد البناء العارم للحق وللحقيقة ، والطود الشامخ للإباء ونبذ الجور والطغيان والكبر … هكذا لا بد وأن يموت هكذا رجال ، فهم نقيض كلّي ومطلق لكل هذا الاستعلاء ، والتغوّل ، والرغبة الجارفة للتعدّي على حقوق الآخرين ، واستملاك ما يملكون … يذهبون خفافاً بلا أثقال ، إلّا من أثقال هموم إنصاف أولئك المستضعفين ، والوقوف بإصرار ، ومن دون وجلٍ ولا كللٍ في وجه المعتدين الناكرين لحق الآخرين فيما يملكون … هكذا يموتون ، متشبثين بحبل الشهادة الحسينية ، وحاملين لواء الانتصار للمظلومين… صارخين بنداءٍ هو ملء الحناجر ، وفوق كل السرائر ، ودحضاً للمحاذر … هيهات منا الذلة … ولو أن دين محمد لن يقام إلّا بقتلي ، فيا سيوف خذيني ، ويا رياح ذريني … حسينيون حتى النخاع … عماد مغنية … قاسم سليماني … أبو مهدي المهندس … صالح العاروري … فؤاد شكر … إسماعيل هنية … وأخيرًا وليس آخراً فالقافلة مزدحمة … سيد شهداء طريق القدس ، سيّدي ومهجة قلبي حسن نصرالله … ثم اليوم … يحيى السنوار … هنيئًا لهؤلاء الأحبة بما أحبّوا حتى أعلى درجات العشق … شهادة في سبيل الله والحق ورفع المظالم ، والوقوف في وجه الظالم ، وتحرير الاوطان والمقدسات والانتصار للمظلومين والمستضعفين… ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر … أن الارض يرثها عبادي الصالحون .
سميح التايه