إن طوفان الأقصى ،ليس معركة عادية بين طرفين  يتصارعان على جغرافيا ما أو على موردٍ ما  ،  ليس معركةً تقتات على الدماء و تسعى إلى تطهير الأرض و تحريرها و كفى ، بل إنها حرب  لتحرير العقول قبل التراب  ، حرب لتحرير المفاهيم  و ذلك بالطعن في السائد المغلوط منها و إبداء أضداده  ، و لعل الأضداد الطبيعية هي من أهم مفردات هذه الحرب، فالاحتلال مثلاً هو مفهوم مغلوط سائد لمن اقتدر عليه، و المقاومة هي ضده الطبيعي الفطري، و بإبرازها تنطفئ شعلة ذلك المفهوم المغلوط، و تحرر المفاهيم و تعود إلى الطبيعة .
و لعل من أهم المفردات الجزئية لحرب الأضداد هي التجربة الناجحة، فانظروا إلى فلسفة القوة كيف أعادت المقاومة هيكلتها، حيث أثبتت بالتجربة الناجحة  أن القوة ليست فيما تملك من مال ، أو فيما لديك من جند و آليات، أو بما في جعبتك من مقاتلات جوية و سفن حربية و فرقاطات و غواصات و  معدات تجسسية و لوجستية  و و و… إلخ، و إنما القوة هي أن تستخدم  أقل جزء ممكن مما لديك للتغلب على كلِّ ما لدى عدوك، و بذا ينتصر المفهوم العقليُّ المُحقُّ على ضده الماديِّ الباطل!
فما الحاجة لطائرات ال F35 مثلاً إذا كانت المقاومة في حزب الله قادرة على استهداف المطار الذي تخرج منه ال F35 بصواريخ لا تُكلِّفُ في الحساباتِ سوى جزء يسيرٍ من المال قياساً بسعرِ الهدفِ فخرِ صناعةِ العدوِّ؟!، كما أنه  كان قد تم تصوير أحد هذه المطارات أو القواعد الجوية  بشكل كامل بمسيَّرة لا تصل تكلفة تصنيعها إلى ربع تكلفة تصنيع ال F35.
و ماذا تنفع  ناقلة الجند “النمر” المزودة بأنظمة المراقبة الذاتية الذكية والتي تكلف ثلاثة ملايين دولار لتصنيعها !! ،ثم تدمر ب “كورنيت” المقاومة الذي لا يكلف 25 ألف دولار؟!
و ماذا تفيد دبابة ميركافا 4 المتطورة الحديثة المكلفة _ و التي تعد أحد أقوى الدبابات في العالم _  اذا كانت ستفجر بفعل الياسين 105 فخرِ الصناعةِ الوطنيةِ المقاومة؟!
هذه جميعها أمور تضع المتابع في حيرة ؟!
هذا أمرٌ غير منطقيٍّ !! كيف يحدث هذا ، و كيف تنتصر التجهيزات البسيطة على التجهيزات المتطورة ؟!!
هي في الحقيقة  لا تنتصر وتجهيزات العدو لا تفشل ، و إنما نحن من ينتصر و هم من يفشلون، وجوهر الأمر هو الانتصار في حرب الأضداد بينَ الحقِّ والباطل، فلقد وجدت المقاومة قبيل دخولها الحرب أضداداً لما لدى العدو، وعقدتِ العزمَ بمقاومين أشدَّاءَ مخلصينَ هم أبناءُ الأرض وفروعُ جذورِها وامتدادُ ترابِها!!
وعلى سبيل المثال  الضد الطبيعي لرادارات العدو المتطورة هو مسيرة الهدهد و مسيرة يافا، و هي صممت بأيادي المقاومين المباركة، و الضد الطبيعي لناقلات الجند و الميركافا هو الياسين و الشواظ و عبوة العمل الفدائي ووو، و جميعها صممت بتلك الأيادي و العقول المباركة  لتكون الضد لما لدى العدو و ذلك باسغلال ثغرة ما لوجستية أو برمجية أو حتى جغرافية وباستعمالٍ وافتداءٍ كاملٍ بروحِ مقاتلٍ لا يعني له الموت سوى جسرٍ لتحريرِ الأرضِ والعروجِ إلى السماءِ شهيداً حياً لا يموت !
و الضد للتفوق الجوي هو حرب الأنفاق، و الضد لأجهزة التشويش ورادارات  كشف الصواريخ المبكرة  هو التفوق التقني و البرمجي و تصميم أجهزة أخرى تصلح كي تكون ضداً ، و هكذا ..
و هذا العدو الغبي و الأحمق ، كان يمنّي نفسه  بالبقاء  معمّداً بامتلاك  أقوى أدوات الحرب  و أكثرها تطوراً، و لكن شاءت الأقدار أن يلتقي بهذه المقاومة ضداً مؤمناً ثابتاً راسخاً سيبقى هو صاحب الأرض، و سيزول العدوّ كما زالت و تزول جميع أدواته!!

وعليه وبشهادةِ عشرة شهور من المواجهة فلو عادَ نتنياهو من الكونغرس بأساطيل الأرض سيجدُ لدى أبناءِ الأرض ما يبدِّدُ الأسطول، ويُبطِلُ فعلَ الطاغوتِ المسطول، ويراكمُ على هزيمته هزائم حتى يزول!!

محمد يونس-سورية