من أكثر المشاهد مأساوية هي عندما يظن الثور ان النمر دعاه الى وليمة غداء ليتناولا الأعشاب وأن النمر قرر التوبة وأن يصبح نباتيا .. ليكتشف ان من في الأطباق لحم ثور أخر .. ويدرك متأخرا ان العشاء سيكون من لحمه هو على المائدة .. فالنمور لاتأكل الأعشاب بل تأكل لحوم الثيران ..
منذ لحظة ظهور الشريف حسين لم يفهم العقل العربي كيف ينظر اليه العقل الأنغلوساكسوني .. ورغم ان العقل العربي أدرك انه تم أكله بعد الحرب العالمية الاولى .. ورغم ان التجارب تكررت الا ان في العقل العربي سذاجة لايمكن تخيلها .. وهذه السذاجة هي من حظ العقل الانغلوساكسوني .. الذي يتغذى على لحم ثور عربي ويتعشى على لحم ثور آخر جاء شامتا بالثور الذي كان لحمه على مائدة الغداء .. اتها عقول ذوات الاظلاف وذوات المخالب ..
هذه الايام نقرأ عن بطولات الباعة والتجار والعملاء والخونة والاغبياء .. الذين يكتبون مذكراتهم بفخر .. اي الذين شكلوا المعارضين السوريين .. وأياك ان تخدعنّك تلك الالقاب العظيمة والأحرف المذهبة والعناوين التي تريد ان تلقي الروع في قلبك مثل “بروفيسور وعالم وباحث ومدير ووو “.. فكلهم في النهاية ثيران على الموائد .. وسأشرح لك بالتفصيل كل ذلك ..
احدى المجموعات العربية الامريكية كتبت وبفخر عن انجازها لقانون قيصر .. وأنها هي التي صنعته وأقنعت الساسة الاميريكيين به ولولاهم لما كان قيصر الذي أسقط الاسد .. ولزيادة الدراما والحبكة الهوليوودية تبين ان وسيلة الاقناع التي حكوها لنا بفخر واعتزاز كانت صحن الفتة الشامية التي دخلت بطن سيناتور اميريكي (زعيم الأغلبية في الكونغرس ميتش ماكونيل) الذي جالسهم الى الأفطار وأعجب بالفتة .. فكأنه كان شمشون الذي سقته دليلة الخمر .. فانتشى من صحن الفتة .. وثمل .. وتجشأ من نكهة الحمص والفول والطحينة .. ثم قال لهم وكأنه المارد الذي خرج من القمقم .. شبيكم لبيكم .. سيناتوركم بين ايديكم .. فتقدموا له بقانون قيصر الذي هو من دمر نظام الاسد .. وهو يجب ان تذكرهم الامة وان تحسب فضلهم عليها .. وأن لاتنساهم من طيب الدعاء ..
هؤلاء طبعا كانوا مثل الثيران الغبية التي تظن انها هي التي أقنعت النمر الامريكي ان الفتة تستحق ان يبادلها برأس الدولة السورية .. والغريب انهم مقتنعون انهم ضحكوا على السيناتور وعلى الاميريكيين والدولة العميقة ومرروا قانون قيصر .. رغم ان الحقيقة هي انهم جميعا صنعتهم المخابرات الأميريكية وانتقتهم .. وأعطتهم كل الدعم ليس من اجل صحن الفتة وليس من أحل الديمقراطية .. ولكن من أجل ابتلاع وطن بحجم سورية .. ولكن الأميريك يوالعقل الانغلوساكسوني يحب ان يقنعك أنك ضحكت عليه .. وأنك أقنعته بالحجة والبرهان .. وأنك ذكي جدا .. وأنه لم يكن يعرف هذه الفكرة التي أعطيته اياها .. ويوحي لك أنك انتصرت انتصارا هائلا اذ أقنعته بوجهة نظرك .. وهكذا يتحول الثور العربي المعارض الى ضحية ووجبة على مائدة العقل الانغلوساكسوني .. وصاحب العقل العربي مبتهج ومسرور ولايدري انه ذاهب الى المسلخ لأنه هو من سيكون على مائدة العشاء ..
أولا هذه المجموعات لم تصنع نفسها بل تم تجميعها من قبل لوبيات صهيونية تعمل في الادارات الاميريكة والدولة العميقة .. والادارات الاميريكة كانت بحاجة الى أجسام معارضة سورية لتظهر انها تتحرك بفعل الضغط واللوبي (السوري) .. الذي سيسمى لوبي الفتة .. لأن الاميريكي لايقدر ان يسوق للعالم انه يتدخل في شؤون الدول الا لأن شعوب هذه الدول تريده .. فهو يحتاج هذا الغطاء وهذه القفازات .. فيقوم بجمعها وتعليبها وتلميعها وبيعها للاستهلاك الاعلامي .. لذلك تجد ان المعارضين السوريين كانوا مدللين جدا جدا في اي مؤسسة سياسية غربية .. ومعهم تسهيلات لاحدود لها .. وكان سقوط قذيفة في بيت يستدعي عقد مجلس الامن .. في حين ان مذبحتين متتاليتين اليوم في الساحل والسويداء لم تحركا الا قلق بواب الامم المتحدة .. لأن المطلوب من هؤلاء العملاء المدللين هو ان يضعوا بلادهم سورية ولحمها الطري على مائدة الغرب .. اي تسهيل اصطياد الصيدة او الطريدة .. ولذلك لابد من اظهار حجم الدعم الشعبي الذي يمثله هؤلاء والذين يقولون انهم صاروا لوبي (الفتة) .. رغم ان لوبيات العالم الكبار “يلولبون” بمئات ملايين الدولارات ولاتهمهم فتة الشوام ولا فتة حلب ..
ثانيا سورية الدولة المقاومة كانت محاصرة منذ الثمانيات .. ومنذ الثمانينات هناك عشرات قوانين العقوبات وقوانين محاسبة سورية .. وعقوبات الشركات والافراد التي لاحصر لها .. وقانون قيصر هو امتداد لتلك القوانين بالعقوبات .. رغم عدم وجود لوبي (فتة) في الثمانيات ..

ثالثا .. قصة قيصر ليست اختراع لوبي الفتة الشامية .. ولا حلة الحمص والفلافل .. بل هو عملية استخباراتية بريطانية 100% .. فالمخابرات البريطانية تواصلت مع مجند بسيط يعمل في سجلات الخدمات الطبية وعلمت منه ان وظيفته هي أن يؤرشف صورا تصله من الخدمات الطبية العسكرية لتكون وثائق رسمية .. وعلمت المخابرات البريطانية انه هذه الصور تعود لقتلى وضحايا المعارك الذين كانت القوات السورية تلملم أجسادهم ولاتعرف هوياتهم .. فتصورهم من عدة جهات وتحتفظ بالصور لمعرفة هوياتهم لاحقا من أجل ابلاغ أسرهم اذا تم التعرف عليهم .. وكانت تدفنهم في مقابر ولكل قبر رقم هو نفس رقم اضبارة الجثة المجهول لتتعرف كل اسرة على قبر من يعنيها .. والمخابرات البريطانية هي من اعرق المخابرات في استعمال التلفيق كما فضحها الباحث البريطاني روبرت ستيوارت … عندما كشف ان مشاهد الضحايا التي تبثها هيئة الاذاعىة البريطانية من قلب سورية هي مفبركة ومشاهد تمثيلية يقوم بها ممثلون تدرلهم المخابرات البريطانية .. وهي التي تقوم بعمليات رسم الحروق ووجوه الضحايا .. وكانت تلك القضية فضيحة ..
المخابرات البريطانية وعلى غرار عملية تزوير التقارير الاعلامية قامت بتشجيع المجند الصغير على سرقة الملفات وأنها ستقدم له ملاذا آمنا وجنسية غربية وأغرته المخابرات القطرية بالمال السخي .. وبالفعل هرب هذا الصغير الذي كشف عنه لاحقا وتبين انه صعلوك صغير .. وتلقفت المخابرات البريطانية الملف وأحالته فورا الى لجنة لدراسة طريقة استثماره .. فخرجت قصة قيصر الملفقة .. ودعي المعارضون السوريون للقاءات كثيرة مع البرلمانيين وأعضاء الكونغرس من أجل مناقشة هذه القضية .. وطبعا البريطانيون والاميريكيون يعرفون ان المعارضين السوريين أغبياء ولن يبحثوا في القصة ولن يدققوا في التفاصيل كما سيفعل الباحث البريطاني روبرت ستيوارت .. بل سيسوقون بالقصة كالأنعام وسيصدقونها لانهم يريدون ان يصدقوا اي شيء ضد الاسد بدافع الكراهية فقط وليس بدلفع البحث عن الحقيقة .. ولأنهم لايتمتعون بذكاء كاف .. ولو كان لهم الذكاء لفهموا ان الغرب يريد شرا بهم وببلادهم ..
المهم .. هذه هي قصة قانون قيصر .. وقصة اللوبي السوري (لوبي الفتة) الذي وضع صورة فطور الفتة .. وكأنها صورة السيد المسيح في العشاء الاخير .. لتبدو وكأنها صورة الفطور الاخير قبل أن يتجشأ السيناتور قانون قيصر بعد أن اقنعوه بصحن الفتة ..
هذه الشخصيات الغبية لاتعلم ان سيناتورا آخر سيدعو الاقليات الى نفس الطاولة .. وسيقول انه غاضب من أهل السنة والجماعة وسيخلق لوبي جديد .. قد يكون لوبي (المتة) .. على طريقة لوبي (الفتة) .. وسيكون هناك لوبي (البرغل بحمص) .. ولوبي (الكبة الحلبية) .. ولوبي (النخاعات والمقادم) .. (ولوبي المنسف السماقي) ولاادري لماذا فشل الفلسطينيون في اكتشاف هذه القدرة على تغيير السياسات الامريكية طوال 70 سنة .. وكان لهم أن يستشيروا المعارضين السوريين لان كل القضية الفلسطينية كان يمكن ان تحل ب(صحن كنافة نابلسية) مع سيناتورات اميريكا وعندها يطبق القانون 242 بحذافيره .. ويمكن للاخوة العراقيين الاستفادة لوبي الفتة السوري وانشاء لوبي (المسكوف) .. ويحررو العراق ..
في التاريخ دوما هناك من يلعب هذا الدور المغفل بسبب حقده وجهله .. فهؤلاء مثل العلقمي في بغداد .. ومثل يوسف بن كماشة الذي سهل دخول الاسبان الى غرناظة ونهاية بني الاحمر والوجود العربي في اسبانية .. وكانت ايزابيلا وفرديناند يعدان ابن كماشة بمهمة ووزارة حال سقوط بني الاحمر .. ولما سقطت غرناطة .. طردوه باحتقار .. فقد انتهى دور (لوبي الفتة الاندلسي) .. حيث يقال انه أقنع الملكة ايزابيلا وفرديناند بالهجوم على غرناطة بعد ان أكل معهما الفتة الشامية على ذمة لوبي الفتة السوري في أميريكا .. !! وفي سقوط دمشق سقط الحكم العربي الأخير في المنطقة .. وصارت اللغة التركية تبتلع اللغة العربية في الشمال وستجتاج المدن السنية التي ستنسى كيف تقرأ القرآن لأنها ستتحدث التركية ..
شعب أحمق .. ومعارضة مخجلة .. تلك التي تظن انها هي التي تصنع السياسة في أميريكا .. ولاتعرف انها مجرد أدوات رخيصة وان الجميع ينظر الينا جميعا باحتقار .. والدليل هي طريقة تعاملهم مع الجولاني حيث يجلسه ترامب امامه كالطفل .. وقد ضحك العالم عندما عندما قال له ترامب وهو يعطره (كم زوجة لديك؟) .. والأبله يضحك ..
للاسف هذه الثيران السورية التي سنراها على موائد الأمم استمتعنا بمشاهدتها طوال 14 سنة وسنشتاق لعروضها .. فقد كنا نارها وهي تقدم عروضا في مصارعة الثيران قبل ان تصبح يوما على مائدة الطعام .. وكانت هذه الثيران تظهر في لحظات مأساوية .. مخجلة .. المصارع الاميريكي يلوح للثور السوري بقماشة حمراء عليها صورة الرئيس بشار الاسد .. فيندفع الثور المعارض وهو يظن ان تمزيق الخرقة سينهي مأساته وغضبه ويعيد له هدوءه ..

المهم سورية اليوم على مائدة الغداء .. وهؤلاء الذين يظنون انهم صاروا لوبي (الفتة) .. والذين صاروا مسخرة العالم هم وبلادهم المنهوبة المحتلة .. عليهم ان ينتظروا ظهور لوبيات جديدة بدأ الاميريكي يبحث عنها .. وسيجدها .. وسيلتقط معها نفس الصور .. وسيلعب معكم نفس اللعبة الدنيئة .. التي بدأها بالافطار الاخير وسيتلوها بالعشاء الاخير .. ثم سيعيد الافطار بنكهة أخرى .. ونخبنا تحتفل انها اقنعته ان يأكل الفتات والفتوش والتبولة .. وسنجد لوبي “المتة” الذي سيحل محل لوبي الفتة .. وسيتقدم لوبي “البرغل بحمص” الذي سيخلقه السيناتور الاميريكي كما خلقكم ليعب معكم نفس اللعبة .. ولوبي السجقات والنخاعات .. ولوبي شيخ المحشي .. ولوبي اليبرق .. ولوبي الشاكرية .. ولوبي الشلكات الحموية ..
فعلا ان الحماقة أعيت من يداويها .. فهم مقتنعون انهم صنعوا الثورة .. ولكن الثورة صنعها برنار هنري ليفي
وهم مقتنعون انهم انتصروا وحرروا وقرروا .. ولكن من حرر وقرر هو نتنياهو
وهم مقتنعون انهم صنعوا قيصر .. ولكن قيصر صنعته المخابرات البريطانية
وهم مقتنعون انهم صاروا لوبي .. ولكن اللوبي الامريكي الصهيوني يعتبرهم أهل فتة وقد أكل بلادهم مثل صحن الفتة
وهم مقتنعون انهم أخذوا سورية ولكن من أخذ سورية مجموعة دول .. استعملتهم كالمطايا .. وصار كل واحد فيهم يوسف بن كماشة … انها سياسة بني كماشة .. لوبي الفتات الشامية ..
وهم مقتنعون ان السياسة هي أكلة فتة .. وسجقات .. نسيت من هم لوبي السجقات والكبة والكباب هذه الايام ؟؟ وهل سنشهد نهوض لوبي الشاورما الذي قد ترتعد فرائص ايباك وروتشيلد من مجرد ان يطل على السيناتورات الأمريكان بسيخ الشاورما..
نارام سرجون