نكبة السودان
بقلم محمد البخيتي – عضو المكتب السياسي لأنصار الله
بدأت نكبة السودان فعليا مع انقلاب جماعة الإخوان المسلمين عام 1989م على العملية السياسية الديمقراطية، حين أطاحت الجبهة الإسلامية القومية بحكومة الصادق المهدي المنتخبة، رغم أنها كانت شريكا فيها.
فقد أقدمت الجماعة على حلّ البرلمان والأحزاب السياسية، وتعطيل الدستور، ووقف المفاوضات الجارية مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق، قبل أيام قليلة من توقيع اتفاق تاريخي كان من شأنه إنهاء الحرب الأهلية وضمان مشاركة أبناء الجنوب في السلطة والثروة.
ونتيجة لذلك الانقلاب، استمرت الحرب حتى انفصال جنوب السودان، واندلعت نزاعات جديدة في شرق البلاد, وعلى اثر ذلك قامت حكومة الإخوان بتأسيس ميليشيات الجنجويد بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والتي تحولت لاحقا إلى ما يُعرف بـ قوات الدعم السريع، واستخدمتها السلطة في الحروب الداخلية وإرسالها للقتال في اليمن.
ما ترتكبه قوات الدعم السريع اليوم من جرائم بحق الشعب السوداني ليس إلا امتدادا لسلسلة طويلة من الانتهاكات التي بدأت منذ عهد حكومة الإخوان، سواء في السودان أو خارجه، ضمن مشروع قائم على القمع والتدمير والاستغلال باسم الدين.
وفي نهاية المطاف، وبعد أن استنزف نظام الإخوان السودان في الحروب والانقسامات تحت عناوين دينية، اتجه إلى تطبيع علاقاته مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في محاولة يائسة لتثبيت حكمه وكسب شرعية خارجية تعوّض عزلته الداخلية.
ولم يكتفِ بذلك، بل شارك في العدوان الأمريكي على اليمن عبر الطلعات الجوية، وأرسل ما يقارب من ثلاثين ألف مقاتل من قواته، وفي مقدمتهم عناصر الدعم السريع، ليقاتلوا خارج حدود الوطن خدمة لأجندات أجنبية لا تمتّ لمصالح السودان وشعبه بصلة.
وقد برّر النظام الإخواني في السودان مشاركته في العدوان على اليمن بما سمّاه “الواجب الإسلامي في حماية الدين والعقيدة”، وفق ما ورد في إعلان الجيش السوداني آنذاك.
وهكذا تحوّل نظام الإخوان في السودان من سلطة جاءت باسم “الدين” إلى أداة في يد القوى الخارجية، أضاعت سيادة البلاد، وورّطت أبناءها في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد البخيتي
