عندما كان البعض يشهر في وجوهنا اخلاق الامريكان ومبادئ الديمقراطية والحرية .. لم يكونوا يدركون لماذا لاأصغي أليهم وأعتبر انهم جاهلون مثل جهل الاسلاميين الذين يكبرون في الطرقات .. ويظنون ان الله في السماء مبتهج وسعيد ويكاد يبكي فرحا بأبنائه القتلة .. لاتظنوا ان الفرق بين الراديكاليين التكفيريين الاسلاميين وبين تكفيريي الديمقراطية والحرية الامريكية كبير جدا .. صدقوني بالكاد هناك فرق .. فالاول يظن انه على صواب واننا على خطأ .. فيكفرنا ويقرر قتلنا او اقصاءنا .. والتاني يظن انه على صواب واننا على خطأ فيكفرنا ديمقراطيا ويعتبر اننا فلول واننا هواة العبودية والديكتاتورية فيطردنا من الامم المتحدة ويحاصرنا ويفرض علينا قيصر وعقوبات .. التكفير نفسه والعقلية نفسها .. الفرق هو ان الاول يتكلم باسم الله كما يظن ويعتقد .. اما الثاني فيتكلم الله باسمه كما يظن ويعتقد ..
لذلك لم أكن ابالي بكل المثقفين العرب الذين ينفجرون غضبا علينا اذا مارفضنا اميريكا وحقيقتها وأنها في النتهاية عصابة ومافيا عملاقة تجد انها قادرة على تجاوز كل القواعد الاخلاقية والبروتوكولات للتلاقي مع المافيات من اي نوع في العالم .. فالأمريكان تكفيريون بكل من يعارض قهمهم للحرية .. تكفيريون مثل ابو محمد الجولاني تماما .. الرجل الذي أعاد تاريخ المافيا وعلاقتها باميريكا في صقلية ليطلقه في سورية .. ومع الامريكان بالذات .. واذا حاولت رسم تقاطعات بين علاقة المافيا باميريكا وعلاقة القاعدة باميريكا لوجدت شيئا من التطابق المذهل .. وستصل الى استنتاج غريب وهو ان المعارضات والنخب العربية تحولت تدريجيا الى مافيات ثقافية وسياسية تخدم المافيا الامريكية .. فيما تحول الاسلام بعد تدميره اخلاقيا الى حركات مافيات وأكبر تجمعاته المافيوزية هي الاخوان المسلمون الذين يتصرفون بعقل المافيا تجاريا وسياسيا وعنفيا .. الذين يتعاونون سرا مع اميريكا كما تعاونت المافيا الايطالية في صقلية مع الاميركيين الذين كانوا يحاربونها في شوارع نيويورك .. مثلما الان يقولون انهم كانوا يحاربون بن لادن وجماعته في نيويورك وانتهى الامر انهم نصبوا زعيم المافيا وخليفة بن لادن رئيسا يرعونه ويدعمونه ..
لاتستغرب من التشابه المذهل واليك القصة:
فخلال الحرب العالمية الثانية، كانت إيطاليا تحت حكم موسوليني، وكان النظام قد قمع المافيا بشدة في الثلاثينيات، خصوصاً على يد الشرطي الشهير تشيزاري موري الذي لُقّب بـ “مخرّب المافيا” (مثل سهيل الحسن في سورية) ..
لكن عام 1943 تغيّر كل شيء…فعندما قررت قوات الحلفاء (وخاصة أمريكا وبريطانيا) غزو صقلية، احتاجت العمليات العسكرية للاستيلاء على الجزيرة الى معلومات دقيقة محلية عن الجغرافيا والناس .. وطلبت القيام بعمليات ترويج للغزو لضمان عدم مقاومة السكان لهم .. الى جانب تأمين الموانئ من التخريب او الخيانة وضمان عملها .. ولكن كان لابد من قوة محلية تملك هذذا الاستعداد للعمل الدنيء ..
وهنا دخلت المافيا (أو الاخوان المسلمون أو القاعدة الايطالية) على الخط وكان ذلك بتنسيق مع ممثلي المافيا في اميريكا الذين كانوا يديرون اعمال عنف وجريمة (المعارضون السوريون) .. وبدأ التعاون السري بين المخابرات الامريكية والمافيا وزعمائها (اردوغان وامير قطر والاخوان المسلمون .. والقاعدة) .. وانطلق برنامج التعاون السري بين المخابرات الأمريكية والمافيا .. فاستعانت الولايات المتحدة فعلاً بعناصر من المافيا الإيطالية-الأمريكية، مثل: تشارلز “لاكي” لوتشيانو (Lucky Luciano)، أحد زعماء المافيا في نيويورك.الى درجة ان الـOSS (جهاز الاستخبارات الأمريكي في ذلك الوقت، وهو سلف الـCIA) والبحرية الأمريكية عقدوا معه صفقة تتضمن التالي: المافيا تحمي الموانئ الأمريكية من التجسس أو التخريب النازي .. وفي المقابل تساعد في الاتصال بشبكاتها في صقلية لتسهيل الغزو .. وبالفعل، قدّمت المافيا معلومات واتصالات ساعدت الحلفاء في إنزالهم الناجح في صقلية ..
بعد الغزو قررت الولايات المتحدة تسليم السلطة فعلياً لشخصيات مافيوية .. فبعد احتلال صقلية، كانت الإدارة العسكرية الأمريكية (AMGOT) بحاجة إلى تعيين مسؤولين مدنيين محليين. لكن بسبب الجهل بالأوضاع المحلية، اعتمدت على من كان يُنظر إليهم كمناهضين للفاشية — وهؤلاء كثير منهم كانوا زعماء مافيا سابقين.. فتمّ تعيين مافيوزيين سابقين كرؤساء بلديات في عدة بلدات… وبدأ إطلاق سراح عدد كبير من المجرمين “القدامى” الذين سُجنوا في عهد موسوليني (العفو عن القاعدة حاليا)… وهكذا استعادت المافيا نفوذها بسرعة هائلة بعد الحرب .. وبالنتيجة تحولت المافيا من تنظيم مضروب إلى قوة سياسية واقتصادية حقيقية في صقلية .. ساعدتها القوى الأمريكية التي كانت تحاربها في شوارع نيويورك وشيكاغو بذلك وساعدتها في إعادة بناء النظام المافيوي الذي سيطر على الجزيرة الصقلية لزمن طويل ..

ألا تجعلك هذه الوقائع التاريخية تحس انك تقرأها اليوم في سورية؟ بلد المافيات الاسلامية المدعومة امريكيا ..
عندما أقرأ أحداث هذه الايام مع الارهابي الجولاني او زعيم مافيا القاعدة وزعماء مافيات الاخوان المسلمين وايصالهم لحكم السوريين مثل المافيات التي حكمها الاميريكون بالصقليين .. أحس انني لم يجانبني الصواب أبدا في ان أعتقد بيقين ان اميريكا لاتمانع ان تأتي بالمافيا الاسلامية لخدمتها والتعامل معها حتى ولو كانت تقول انها ضربت لها أبراج نيويورك .. وهي لاتتبع أي قاعدة اخلاقية في علاقتها بنا وبالعالم كله .. وهذه الاخلاقيات يتعلمها العرب البسطاء في المدارس والمعاهد والدامعات وفي برامج الجزيرة وفنتازيا عزمي بشارة والمعارضين العرب .. ويتلقنونها في مصحات اليوتيوب التي هي منصات للمجانين الذين يبشروننا دوما انهم يريدون النموذج الامريكي في حياتنا دون ان يعرفوا ان اميريكا لاتريد لنا الا ان نعيش تحت حكم المافيا .. مافيا الملوك ومافيا السلطان ومافيا الخونة ومافيات لبنان ومافيات الاسلام .. فقد حولت الاسلام كله الى عصابات من المافيا .. والناس تغني لها وتكبر وترفع راسها فوق ..
وزعيم المافيا الصهيونية نتنياهو يتعاون من زعيم المافيا السورية وزعيم المافيا التركية اردوغان .. ويؤمن لزعيم المافيا السورية (الجولاني) السياحة في عواصم العالم .. حتى صار العالم والقوانين والاخلاق نوعا من العبث والمسخرة واللاجدوى .. ولاأدري لماذا لانزال نقرأ الكتب والقوانين الأخلاقية .. التي يبدو انها تتغير فيها قوانين الجاذبية ونقطة الغليان .. ولم يبق لنا الا قوانين نيوتن في الفيزياء التي لاتتغير .. فكل قوانين الامم المتحدة وأخلاقيات جنيف ومبادئ حقوق الامسان والمساواة .. انقعوها واشربوا ميتها .. الشيء الوحيد الذي لاتقدر عليه اميريكا والمافيات التي تعمل معها هو ان تغير قانون نيوتن في الفيزياء .. والذي ترجمته للواقع هي ان الاخلاق الوطنية قوة جاذبة لاتقهر وقوتها وثباتها عبر التاريخ والزمن مثل قوانين نيوتن في الجاذبية ..
سترحل المافيات .. وزمن المافيات .. وهذا المهرجان بصعود المافيا الاسلامية سينتهي لأن المافيات لها اخلاق المافايات فقط .. فمافيات البيت الابيض ومافيات تل ابيب ستغير قوانين الجاذبية الى مافيوزات أخرى تحضرها .. وستصطدم عندها بقانون جاذبية الوطن والفطرة الطبيعية للناس وروح الشرق ..
هذه قوانين لاتقدر اميريكا ان تغيرها الى الابد ..وهذه سنن لاتتغير .. والتاريخ يؤكد انه يتدخل بشكل عجيب في لحظات فاصلة لاصلاح ماتفسده عقليات العصابات .. فعندما قرر الغرب استعمار الشرق بعقلية المافيا .. خرجت من اوروبة حرب دموية وصراع الحرب العالمية الاولى .. أطاح بالمرحلة العثمانية الظلامية .. ولكن المافيات البريطانية والفرنسية اصطدمت بالقدر الذي أطلق لها هتلر فتركت الفرائس في الشرق وتحرر الشرق .. والصراع الشيوعي الاميريكي اعطانا مجالا للحرية والمنافسة .. واليوم نحن لاننتظر ظهور قوة بل ستطهر معادلات تغير المشهد .. ولكن الشيء الذي لايعرفه الجميع هو ان قوة كامنة في الشرق ستذهلكم وهي تقلب المشهد .. وسينتهي عصر المافيا الاسلامية والاخوانية قريبا .. ولكن على الجميع ان يبدأ العمل لانهاء هذا الوضع الشاذ .. نحن لاتحكمنا المافيا .. وسنسقطها .. ةعلى الشعب السوري ان يفكر ان يسقط حكم المافيا وزعيم المافيا ..

نارام سرجون