الجنوب اللبناني خط أحمر — أرضٌ لا تُباع ولا تُوهب، وكرامتنا ليست بند تفاوض

بقلم الإعلامية زهراء الساحلي

هناك غضبٌ مسموع في صدر هذا الوطن. ليس غضبًا عبثياً، بل غضب كرامةٍ ما انفكت تنضج على جراح الأرض والناس. من يظنّ أن بإمكانه الابتزاز على أرضنا أو تقييد حقّنا في الحماية والبناء والعودة، مخطئ تمامًا. الجنوب اللبناني هو تاريخٌ وحياة، ومن يريد فرض وصايةٍ عليه فإنما يتجاهل دماء الشهداء وصبر الأمهات.

لن نقبل أن تتحول الأرض إلى رهنٍ لمصالح خارجية، أو أن تُفرض علينا شروطٌ تُفقدنا حقّنا في الأمن والعيش. منذ انتهاء الحرب الكبيرة ومرور اتفاقات وهدنة هشّة، لم تتوقف الانتهاكات والضربات على بلداتٍ ومدنٍ جنوبية، وما زالت المدنيّات والمدنيّون يدفعون الثمن بينما يُصار إلى سياسة تُخلّ بصون الحقوق الأساسية. تقارير ومنظمات دولية ومحلية أكّدت تكرار الضربات وهجمات تستهدف بنىً مدنية وتهدّد حياة الناس والممتلكات.

نحن نؤمن بأنّ السلاح ليس غايةً بذاته، لكنّ من يطالب بحرمان الجنوب من أدواتِ حمايةٍ ينسى أن هذا الشعب له تاريخ طويلٍ في الدفاع عن أرضه وكرامته. لا يمكن فرض إعادة إعمارٍ تُشترط بتفكيك حماية المواطن أو بتقييد قدرته على الدفاع عن نفسه، فذلك يعني تسليم البلد لوليّ ذمةٍ خارجية لا تعرف همّ مواطنٍ ولا قيمة دمٍ لبناني. من يريد لنا أن نبني تحت وصايةٍ فهو يطالبنا بالتخلّي عن كرامتنا قبل الحجر.

لأهل الجنوب أقول: لا تُخفتوا صوتكم، لا تسمحوا
لضوضاء السياسة الخارجية أن تُسمع بدل ندائكم. أخبروا العالم عنكم، صوِّروا، وثّقوا، اجعلوا كل انتهاكاً شاهداً في سجلّ العدالة. لقد طفِح الكيل من ذلّ النداءات الفارغة؛ نريد حقًا في حمايةٍ تضمن للمدنيّ حياةً كريمة ولا تجعل مصير بيتٍ أو شجرةٍ رهينة مفاوضاتٍ بعيدة.

نداء للسلطات والمجتمع الدولي

نطالب حكومتنا أولًا أن تكون في صفّ المواطن لا في صفّ أجنداتٍ تُفقدها مصداقيتها. حقوق الناس في العودة إلى بيوتهم، في قطاف أشجار الزيتون، في أن يبنُوا بيوتهم بلا إذلال، هي حقوق لا تُقايَض. كما نوجه نداءً للمجتمع الدولي: إن كان للحماية معنى، فلتكن عبر آليات تحفظ المدنيين وتقدّم محاسبة واضحة للمعتدين، لا عبر شروطٍ تجعل من المواطن رهينة قرارات سياسية.

— صرخة عزّ لا تُقهر

الجنوب لبنانيّ، وتاريخه وكرامته خطّ لا يُدانَس. لن نطلب الإذن كي نحيا على أرضنا. لن نسلم شرفنا لقاء وعودٍ قد لا تُنفذ. إن أردتم أن تعرفوا حقيقة شعبٍ لا ينهزم، فأنظروا إلى القرى التي أعادت بناء نفسها بعد الدمار، انظروا إلى أمهاتٍ ما زلن يغنين لزيتونٍ لم يحن قطافه بعد. هذا الوطن محرمٌ على كلّ من يريد أن يسيطر عليه بالقوة أو بالهيمنة، وسنظل نرفع الصوت عالياً حتى يسمع الجميع: لا وصاية فوق ترابنا
.