في مثل هذه الأيام من كل عام أتذكر المبعوث الأميركي فيليب حبيب ومعاونه موريس درايبر اللذين قادا المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية خلال حرب ال 90 يوماً التي شنها الصهاينة ضد لبنان لاخراج المقاومة الفلسطينية والجيش العربي السوري صيف عام 1982.
يومها وافق معظم أركان القيادة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية على ذلك الاتفاق ، لا سيّما حين تتضمن تعهداً صريحاً بحماية المخيمات الفلسطينية عبر قوات دولية.
وفي مثل هذه الأيام تقدمت القوات الإسرائيلية الى قلب العاصمة بيروت التي كانت تحاصرها منذ حزيران / يونيو الذي سبق، مستغلة اغتيال الشيخ بشير الجميل قائد القوات اللبنانية الذي انتخب رئيساً للجمهورية آنذاك ، ورافقتها قوات محلية دخلت مخيمي صبرا وشاتيلا وارتكبت فيهما واحدة من أبشع مجازر العصر ، وتمكنت من قتل اكثر من اربعة الاف فلسطيني ولبناني وسوري ، بينهم أطفال ونساء وشيوخ في مجزرة سميت يومها “مجزرة العصر” ، لا سيّما انها كانت نتيجة تواطؤ دولي تمثل بانسحاب القوات الايطالية من المخيمين الفلسطينيين قبل يوم من ارتكاب المجزرة.
وفيما كنت استمع الى دعوة ترامب بالأمس والى جانبه نتنياهو احتلت صورة تلك المجزرة التي روى لي تفاصيلها اخوة لنا من جهاز الدفاع المدني في كشافة العروبة سابقاً ، جمعية شبيبة الهدى حالياً، وعلى رأسهم المناضل القيادي في تجمع اللجان والروابط الشعبية مأمون مكحل ، وتذكرت كيف ان وجود المستعمرين العنصريين في هذا البلد او ذاك سرعان ما يؤدي الى ارتكاب مجازر عبر التاريخ ولعل ابرزها مجازر ارتكبها “الرجل الأبيض” لإبادة الهنود الحمر في اميركا في القرن الثامن عشر.
فحذار… حذار من الوقوع مجدداً في فخ الأميركي الذي بأسم مبادرات السلام يفسح المجال لمجازر جديدة بحق أهلنا في فلسطين وجوارها الذين قدموا حتى الان اكثر من سبعين الف شهيد في حرب مدعومة ومغطاة من اليوم الأول بالمساندة الأميركية.
الفرق الوحيد بين “مجزرة صبرا وشاتيلا” بالأمس والمجازر الجديدة المتوقع حصولها اليوم فيما لو نجحت “مبادرة” ترامب ، وهو ان مطلق المبادرة الأول كان ممثل الرئيس الأميركي ريعان ، فيما تصدر المبادرة اليوم عن الرئيس الأميركي ترامب نفسه ، وهو الذي لم يتورع عن تهديد المقاومة بالويل والثبور ، موجهاً الانذار لها اذا امتنعت عن القبول بمبادرته خلال ثلاثة ايام ، وكأن اهل غزة كانوا ينعمون خلال السنتين الماضيتين بالأمن والسلام ، وكأن العدو الصهيوني كان يمطرهم بالزهور والحلوى.
طبعا اهل مكة ادرى بشعابها ، وثقتنا بالمقاومة وقيادتها كبيرة ولكن من الضروري استحضار دروس الماضي لكي نحصن حاضرنا.
معن بشور
