لم يمر في التاريخ العربي المعاصر قائد ورجل وإنسان كسيد الشهداء حسن نصر الله الذي أشعل فينا نار مقدسة لا تنطفئ وبعث الأمل الذي كاد أن يخبو عبر سلسلة من خيبات الأمل التي تكدست خلال ستون عاماً تعرضت أمتنا خلالها لما لا تتعرض لها الأمم الأخرى في ستمائة سنة ، وبرغم أننا لم نستسلم إلا أن تلك الخيبات التي تنوء بها الجبال قد أضعفت الكثيرين وحولتهم إلى مستسلمين لأقدارهم ولقدرة قوى الإستكبار العالمية على التحكم بمصائرهم ، عبر سلسلة من الأحداث المصيرية التي أخذت مجراها في نفس الفترة ، ومنها؛

  • 1967 ، هزيمة حرب حزيران .
  • 1970 ، خروج المقاومة الفلسطينية من الأردن .
  • 1973 ، فشل الأنظمة العربية في تحقيق نصر إستراتيجي على الكيان رغم توفر الفرصة .
  • 1977 ، خروج مصر من الصف العربي عبر إتفاقية كامب ديفيد المشؤومة.
  • 1978 ، إختفاء الإمام موسى الصدر رمز ازلمقاومين حينها .
  • 1982 ، إجتياح العدو الصهيوني لعاصمة عربية وخروج المقاومة الفلسطينية من لبنان.
  • 1990 ، إجتياح الكويت من قبل دولة عربية شقيقة.
  • 1990 ، إنهيار المنظومة الإشتراكية وبروز القطبية الأحادية ممثلة بالشيطان الأكبر .
  • 1991 ، الغزو الأمريكي/ حلف الراغبين للعراق تحت كذبة أسلحة الدمار الشامل.
  • 1993 ، توقيع إتفاقية المذلة والخيانة في أوسلو وطمس الإنتفاضة.
  • 1994 ، توقيع إتفاقية وادي عربة وتخلي الأردن عن الضفة الغربية لفلسطين.
  • 2001 ، غزو أفغانستان والفوضى الذي سببه التكفيريين بتمكين قوى الإستكبار تحت ذريعة الحرب على الإرهاب.
  • 2003 ، إحتلال العراق وخروجه من المنظومة العربية كلياً.
  • تميزت تلك الفترة بحصول هزات شديدة فكان ما يلبث أن ينمو أمل حتى يخبو ويذوب فذابت الثورة القومية خلال العقد الممتد من 1967 إلى كامب ديفيد وإتفاقيتها ، وذابت الثورة الأممية بسقوط الإتحاد السوفييتي ، وذابت الثورة الفلسطينية بإتفاقية أوسلو ، ثم ذابت الثورة الإسلامية بظهور التكفيريين والقاعدة . في غمرة هذه الأحداث الجسام ولد الأمل من رحم الهزيمة وولد السيد عام 1960 في نفس فترة الحمل بكل الهزائم بإرادة إلهية ، ترعرع السيد في كنف الإرادة والتصميم الذي بدأ ينبعث في المنطقة عبر نجاح ثورة الإمام الخميني عام 1979 عندما سقط شاه إيران نصير الكيان الأوحد في المنطقة وإنتصرت الثورة الإسلامية في إيران ، وبرز السيد في نفس الفترة التي ظنت قوى الإستكبار أنها سيطرت فيها على العالم والتي توجت بغزو العراق فأيقظ الأمة من سباتها ومن وحشتها وأشعل فيها نار المقاومة المتأججة داخلها عبر محطات زمنية قصيرة غيرت وجه التاريخ فكان
  • 2000 ، تحرير جنوب لبنان وطرد الصهاينة من لبنان
  • 2006 ، النصر المؤزر الذي حققته الثورة الإسلامية في لبنان وأرخى عهداً من الردع في نجاحات لم يكن الإنسان العربي يتوقعها وحفظت الشعوب كلماته الرنانة ورددتها بعده بأن “إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت”.
  • 2017 ، النصر في معركة الجرود وطرد التكفيريين عملاء الإستكبار.
  • 2018 ، تحرير مدينة حلب من التكفيريين ومن النفوذ التركي.
  • 2023 ، إسناد المقاومة الفلسطينية في معركة الطوفان قائلاً للفلسطينيين بصوته الجهوري “لستم وحدكم” وربط القول بالفعل فدفع حياته وحياة ثلة من رفاقه شهداء على مذبح فلسطين ثمناً للمواقف المبدأية الثابتة والإرادة والعزيمة اللتان لا تلينان قأنتصر وصحبه في معاركهم وإنتصروا في إستشهادهم.
    سيدي يا سيد الشهداء ، لا يوجد في اللغة كلمات تفيك حقك من محبتنا رغم الكثير مما كتب في محبتك وفي وصفك ، كما لا يوجد كلمات نعبر فيها عن ألمنا وعن الشعور بالفقد والخواء كلما مر طيفك في خيالنا وكلما رنت كلماتك الخالدة في أسماعنا ، نعم أحببناك يا سيد الشهداء وسنبقى نحبك فأنت الغائب الحاضر دائماً ، لم نحبك لأنك من آل البيت الطاهر فقط ، لم نحبك لأنك كنت شيعياً ، لم نحبك لأنك كنت مسلماً ، لم نحبك لأنك كنت لبنانياً ، لم نحبك لأنك كنت عربياً ، فقد أحببناك لأنك كنت كل هؤلاء وكنت إنساناً وقائداً أممياً تجاوز كل الفوارق والأديان والمذاهب والجنسيات و الإثنيات ، أحببناك لأنك أثبت لنا كيف يكون الإنسان إنساناً ومقاوماً وشجاعاً في مقاومة المستكبرين ومقارعتهم حتى خشيتك الدول العظمى وحسبت الدول الصغرى حساب كل همسة أو إيماءة تصدر عنك.

أضفت يا سيدي إلى سجل العظماء الذين قاتلوا لأجل الحرية عبر التاريخ فكنت أعظمهم وكنت أشجعهم وكنت أقواهم وأكثرهم حكمة ومعرفة وجرأة ، أضاء نورك هذا العالم فتصدرت قائمة طويلة من القادة الأمميين الذين عبروا الحدود الإقليمية الضيقة وحاربوا لأجل الإنسان ورفع الظلم عنه من تشي غيفارا ، جمال عبد الناصر ، عمر المختار ، فيدل كاسترو ، مارتين لوثر كينغ ، نيلسون مانديللا ، قاسم سليماني ، المهاتما غاندي ، وكثيرين غيرهم ممن تشرف بوجودك معهم في عليين ، تجاوزت حكمة وعطاء كونفوشيوس وبوذا ، كنت القائد والأب والأخ لكل إنسان ذو مشاعر ولكل المستضعفين ، أضاء نورك الطريق على خطى المسيح (ع) والإمام علي بن أبي طالب (ر) والإمام الحسين بن علي (ر) والكثيرين ممن ساروا على هذا الدرب فتركوا لنا إرثاً غير قابل للنسيان.

نعم إغتالوك يا حبيبنا بعد أن ترصدوا بك خمسة وثلاثون عاماً فتألمنا كثيراً ولا زال الألم غصة في حلوقنا ، إغتالوا جسدك الطاهر ولم ولن يستطيعوا أن يغتالوا روحك أو يغتالوا ما تركت فينا من بارقة الأمل التي تعلمناها منك واليقين بأن الفجر آت والنصر آت وأن “إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت” ، نعم حزنا وبكينا ولكن أصبحنا أقوى بفضلك ، إنتابنا الشعور بالحزن والفقد ولكنه فشل في إضعافنا ، كنت منا ولنا وستبقى دائماً منا ولنا ، إختلط الحزن بالرجاء والضعف بالقوة فإنتصر الرجاء وإنتصرت القوة والصلابة التي أورثتنا إياها ، فيا ليتني كنت وأبنائي فداء لك يا سيدنا يا سيد الشهداء يا سيد المقاومة وسيد الإنتصار ، لك أن ترتاح يا سيد في ضريحك وعهداً أمام الله والناس لنبقى على العهد الذي عاهدناك إياه وستبقى روحك نبراساً لنا حتى ننفذ وصيتك وننتصر على المستكبرين فنم يا سيدي قرير العين ونسأل الله شفاعة الأنبياء والرسل والشهداء يوم الدين وعندها سنحتاجك مرة أخرى ونروي لك كيف نفذنا الوصية وقاتلنا وإنتصرنا.

رحمك الله يا سيد حسن وأسكنك فسيح جنانه،،،

زياد زكريا – عضو الأمانة العامة لمنتدى سيف القدس