تقرير تحليلي خاص
الإعلان الإيراني الأخير عن حصوله على وثائق وصور من داخل المنشآت “الإسرائيلية”، بما في ذلك مفاعل ديمونا النووي، مثّل صدمة استراتيجية في المشهد الأمني للمنطقة. فالمسألة، وفق المعطيات المتداولة، لا تقتصر على تسريب معلومات أو صور حساسة، بل تعكس وجود شبكة واسعة من العملاء والمصادر البشرية التي نجحت طهران في زرعها وتشغيلها في قلب المؤسسات” الإسرائيلية”. الحديث يدور عن مئات الجواسيس الذين وفروا لطهران إمكانية الوصول إلى أسرار تُصنَّف منذ عقود باعتبارها “خطاً أحمر” بالنسبة للأمن القومي الإسرائيلي.
هذا التطور يسلّط الضوء على فشل واضح في المنظومة الأمنية الإسرائيلية. فالمؤسسات التي طالما تباهت بقدراتها في ملاحقة الخصوم وشنّ عمليات نوعية خارج الحدود، تجد نفسها اليوم عاجزة عن حماية الداخل. الكشف عن وثائق تتعلق بالبرنامج النووي، بمخازن الأسلحة، وبشبكات العلماء والمتعاونين الأجانب، يعني أن تل أبيب فقدت عنصر السرية الذي شكّل أساس هيبتها.
الأبعاد الاستراتيجية لهذا الاختراق متعددة:
* ضربة قاسية للردع “الإسرائيلي”: قدرة إيران على اختراق العمق الأمني الإسرائيلي تنزع من تل أبيب امتياز “اليد العليا” وتضعها في موقف دفاعي هش.
* تعزيز موقع إيران ومحور المقاومة: المعلومات المتسربة تمنح طهران وحلفاءها في المنطقة بنك أهداف جديداً، وتزيد من فعالية أي مواجهة مستقبلية مع إسرائيل.
* انعكاس إقليمي أوسع: هذا التطور يفتح نقاشاً جدياً في العواصم العربية حول حدود القوة الإسرائيلية وحقيقة قدرتها على حماية نفسها، وهو ما قد يؤثر في توازنات الردع والتحالفات الإقليمية.
* تآكل الثقة الداخلية: الرأي العام “الإسرائيلي” الذي اعتاد على خطاب “التفوق الأمني” يواجه اليوم معطيات تهزّ الثقة في مؤسساته، وتزرع الشك في كل دائرة علمية أو عسكرية.
إنّ ما أعلنته طهران لا يمثل فقط تسريباً تقنياً أو عملية محدودة، بل يُعتبر ـ وفق مقاييس الاستخبارات ـ هزيمة استراتيجية ل”إسرائيل” بكل ما للكلمة من معنى. لقد انتقل الصراع من مستوى المواجهة العسكرية غير المباشرة إلى مستوى أعمق: معركة على الأسرار، حيث أثبتت إيران أنها قادرة على كشف ما كان يُعتقد أنه محصّن ومخفي خلف جدران “القلعة الأمنية” “الإسرائيلية”.