قال القائد الأممي الرفيق وديع حداد:“أنا بلدي اسمه صفد … لا أقبل إن عُرضت علينا كل فلسطين باستثناء صفد، وأرفضها إذا عُرضت مع صفد واستُثني منها بيتي، وأرفضها إذا عُرضت مع صفد وبيتي واستُثني منها شبرٌ واحد.
هذه هي مواقفنا وهذا هو مشروعنا للتحرير.
خطنا هو حرب الشعب الطويلة الأمد وسياسة الاستنزاف التي ستؤدي إلى إصابة الجسم الصهيوني القوي بفقر الدم والانهيار “
يشهد العالم تسونامي الاعتراف بـ٢٢% من دولة فلسطين، وكان على رأس هذه الدول فرنسا وبريطانيا، وتستند هذه الدول في اعترافها إلى القانون الدولي، لكن هذه الدول تعترف بحق “إسرائيل” بالدفاع عن نفسها” أيضًا، دون وجه حق، وتنكر هذا الحق على الشعب الفلسطيني، الذي لا يملك أحدٌ الحقَّ في ذلك غيره، فهو صاحب الأرض.
هل يوجد حركات تحرر ومقاومة في العالم ينطبق عليها بند حركات التحرر وحق الشعوب بتقرير مصيرها في القانون الدولي أكثر من حركات المقاومة الفلسطينية التي تواجه احتلالًا استيطانيًّا إحلاليًّا إرهابيًّا غنيًّا عن التعريف؟
إذا لم يكن هذا البند المذكور آنفًا ينطبق على حركات المقاومة الفلسطينية التي تمثل كافة التيارات الفكرية للشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، فعلى من سينطبق؟
هل نبالغ ونضع العصي في العجلات إذا شككنا أن دولًا كفرنسا وبريطانيا تريد بهذه الخطوة إعدام المقاومة سياسيًّا، مقابل بيعنا حبرًا على ورق؟!
كُتبتْ وستُكتب مئات المقالات عن أهمية هذه الخطوة بالاعتراف بـ”دولة فلسطينية”، وستُرسل إلى هذه الدول آلاف رسائل الشكر والثناء، لكن هذه الخطوة لن تمثل أي شيء على أرض الواقع، ولن تفيد أطفال غزة والضفة الغربية بشيء، بل على العكس، حيث كانت ردة فعل الكيان على هذه الخطوة التهديد بضم الضفة الغربية.
هل يتوجب علينا أن نشكر هذه الدول على ذلك؟ أم يتوجب على هذه الدول الاعتذار من الشعب الفلسطيني كونها تأخرت كثيرًا عن القيام بعمل مفروغ منه حسب القانون الدولي؟ حيث إن هذه الدول سرعان ما اعترفت بالعصابات الصهيونية التي هجّرت وقتلت الشعب الفلسطيني عام ١٩٤٨ تحت ما يسمى دولة “إسرائيل“، ثم ماذا عن وعد بلفورد يا بريطانيا؟ولماذا يجب أن تكون دولة فلسطين منزوعة السلاح يا ماكرون؟!
وما الجديد، هل انفطر قلب هذه الدول فجأة على المجازر فقامت بهذه الصحوة؟
لا يخفى على أحد أن هذه الدول الصهيو-أمريكية كبريطانيا وفرنسا، أُجبرت على الاعتراف بـ”دولة فلسطين” محاولةً لامتصاص غضب الشارع الأوروبي نتيجة حجم المجازر التي ارتُكبت في غزة،التي تورطت هذه الدول بها من خلال دعم الكيان.
لكنها رغم أنها أُجبرت، لا يصعب على دول مثل بريطانيا وفرنسا أن تخلق مؤامرات من العدم، فهذه الخطوة سيحاول من خلالها تقوية دور السلطة ابنة مشروعهم _التي صرح رئيسها أمس،”يجب أن لا يكون هناك دور لحركة حماس بالحكم وعليها وكل الفصائل تسليم أسلحتها لنا، لأننا نريد دولة غير مسلحة“- وسيحاول من خلال هذه الخطوة أيضًا القضاء على المقاومة الفلسطينية التي هي النقيض للمشروع الصهيو-أمريكي الذي تنتمي إليه هذه الدول، من خلال إقصائها سياسيًّا، وعزلها شعبيًّا بوعود فارغة.
ورغم تحفظنا نطالب هذه الدول إن كانت صادقة، أن تُترجم هذه الخطوة إلى تغيير حقيقي في السياسات، عبر تحرك شامل لوقف فوري لحرب الإبادة التي يتعرّض لها شعبنا في غزة والضفة، والتصدّي للشراكة الأمريكية في الجرائم الصهيونية، ومقاطعة ومعاقبة الاحتلال، ودفعه للانسحاب، وصولاً إلى تجسيد الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين إلى ديارهم، لن يحزننا إذا أدت هذه الخطوة إلى انسحاب الاحتلال من ٢٢% من دولة فلسطين،فبنهاية الأمر جزء من أرضنا تحرر.
لكن على كل شعوب الأرض أن تعلم أنه لن يحل السلام في العالم طالما هناك كيان يسمى “إسرائيل” وعصابة من قتلة الهنود الحمر تحكم البيت الأبيض.
على أية حال، لا ننكر أن اعتراف كمٍّ كبير من دول العالم يعتبر إنجازًا تحقق بدماء الشعب الفلسطيني ومقاومته البطلة، لكن “كرم أخلاق هذه الدول” لن يجعلنا نختبئ خلف أصبعنا عندما نقول إن:فلسطين من البحر إلى النهر.
وكون أنه لن يعود شبرٌ من أرضنا البالغة مساحتها ٢٧.٩ ألف م٢، دون مقاومة؛ فإما فلسطين كل فلسطين وإما النار جيلًا بعد جيل.
ونختم بما قال كبير الشعراء مظفر النواب:
“إن الثورة تقطع أرضًا لتُسمى تلك فلسطين، بديلًا عما متَّ لها والناس يموتون لها، ليست تلك فلسطين أبا مشهور، ولكن تلك خيانات كبرى!!”
أبو الأمير – القدس