كتب فراس ياغي
منذا إنطلاقة “طوفان الاقصى” وما بعده من تداعيات حدثت نتيجة التدخل “الأمريكي” ومعه “الناتو” بشكل مباشر وغير مباشر والتواطؤ الإقليمي، والامور تتسارع نحو مفهوم بسط السيطرة والنفوذ “الإسرائيلي”، وبما يؤدي في النهاية إلى إنتصارها الواضح، وقلنا سابقا ان ذلك يجب ان يتوج في “غزة”، لانه بدون ذلك ستتعرض “إسرائيل” إلى هزيمة إستراتيجية تتضح معالمها بشكل واضح في الإنقلاب الجذري للرأي العام العالمي وفي الانهيار الدبلوماسي “الإسرائيلي” قبل وبعد مؤتمر “نيويورك”، وتحول دولة الكيان الصهيوني إلى دولة منبوذة على مستوى العالم ككل، حتى لدى أغلبية الراي العام الأمريكي بشقيه الديمقراطي والجمهوري
لذلك عملت دولة الكيان وبدعم “أمريكي” و”ناتوي” على تحقيق إنجازات عسكرية واضحة المعالم يسمونها تكتيكية ويريدون تثبيتها إستراتيجيا من خلال ما يحدث في “سوريا” و “لبنان” و “غزة” و”الضفة الغربية”، إضافة إلى الحرب مع “إيران” الاي لم تنتهي بعد، ولاحقا سيأتي دور “أنصار الله” في “اليمن”
اليوم بعد ان وافقت حركة “حماس” على الصفقة الجزئية “ورقة ويتكوف” وبدون اي ضمانات لوقف الخرب على “غزة”، كان السؤال المركزي في الإعلام حيث تم سؤالي عنه مراراً: ماذا سيكون الرد الإسرائيلي “نتنياهو” على موافقة “حماس” على الصفقة الجزئية؟
الجواب
هناك عدة عوامل تؤثر في موقف “نتنياهو، وهي:
العامل الأول الذي سيؤثر على موقف “نتنياهو” هو الموقف الامريكي وبالذات الرئيس “ترامب”، والذي يتضح انه لن يضغط على نتنياهو لقبول اي صفقة بل سيترك له القرار والامر
العامل الثاني يرتبط بالوزيرين “سموتريتش” و”بن غفير” وإذا هددوا بالإنسحاب من الحكومة، وهذا سيدفع “نتنياهو” خطوتين للخلف
العامل الثالث مرتبط بما يريده جمهور اليمين او ما يسمونهم “البيبيين”، وهنا اغلبيتهم لا يقفون مع او يدعمون الصفقة
اما عامل المعارضة واهالي الاسرى فلا يعطيه “نتنياهو” أي إعتبار حقيقي، لكن هذا العامل يؤثر في الموقف الأمريكي
وعليه، “نتنياهو” لن يقبل ولن يرفض وسوف يضع شروط جديدة وتحت عنوان ان “حماس” جائت للمفاوضات تحت الضغط العسكري، وانها متخوفة من إحتلال “غزة”، لذلك مزيدا من الضغط قد يجلب مزيدا من التنازلات التي تؤهل “نتنياهو” للذهاب وإعلان النصر التام والمطلق، وهو سيتفق مع الامريكان حول ذلك، خاصة ان الوزير “ديرمر” المكلف بالملف الامريكي والإقليمي ككل إضافة إلى ملف الاسرى يرفض الذهاب إلى صفقة جزئية، بعكس الوزير “تساحي هنغبي” و”الجيش” و”مؤسسة الامن” الذين يريدون اي صفقة تؤدي للإفراج عن الاسرى وبغض النظر كانت جزئية ام شاملة
“نتنياهو” سيماطل ويرى ماذا سيكون عليه الموقف الامريكي، فإذا لم يكن هناك اي ضغط امريكي، فهو ذاهب لخططه ولن يوافق على الذهاب الى صفقة جزئية
“نتنياهو” وبعد إجتماع “الكابينت”الأمني والسياسي غدا الخميس 21/8/2025 ، والذي من وجهة نظري سينتج عنه محددات جديدة سيتم إشتراطها لتكون ضمن إطار الصفقة الجزئية المطروحة…أي ان “نتنياهو” يريد إعادة التفاوض على ورقة “ويتكوف” وبما يتوافق مع مباديء “الكابينت” الخمسة التي تم إقرارها قبل اسبوع، لذلك لن يكون هناك اي رد قبل اجتماع “الكابينت” يوم الخميس، ومن اليوم وحتى الخميس هناك مناقشات مع ادارة البيت الأبيض وما سيخرج من نتائج لهذا النقاش سنراه في قرار الكابينت يوم الخميس، واهم شرط سيكون ان اي تعديل اسرائيلي امريكي على ورقة ويتكوف “الصفقة الجزئية” المطروحة، على “حماس” الموافقة عليه، اي أنه ليس مطروح للتفاوض، لان “الامريكي” يرى موافقة “حماس” جائت بسبب تغريدات الرئيس “ترامب” التي تحدث فيها عن الحسم السريع وتدمير “حماس”، و”نتنياهو” يرى الموافقة بسبب الضغط العسكري وتخوف “حماس” من احتلال “غزة”، في حين الحقيقة ان “حماس” وافقت بسبب ضغط الوسطاء وتحت عنوان سد الذرائع
هناك خطأ تم إرتكابه، ويتمثل في الضغط الذي تم على حركة “حماس” وتحت عنوان سحب الذرائع عن طاولة “نتنياهو” والتي يستخدمها في حملته الإعلامية الأخيرة وبما يعرف بالمباديء الخمسة، قرارات الكابينت “نزع سلاح حماس، الافراج عن الاسرى والمحتجزين، نزع سلاح كل قطاع غزة، السيطرة الامنية الإسرائيلية على قطاع غزة، إدارة مدنية لا حماس ولا سلطة” ، قبل ان يكون لدى الوسطاء بالحد الأدنى تاكيدات امريكية على انه سيكون هناك موافقة من قبل “نتنياهو” على المتفق عليه دون تعديلات
الآن “نتنياهو” سيجادل في عدة مسائل، اعادة الانتشار، نوعية الاسرى، وضع بنود للنقاش في الصفقة حول نزع السلاح والابعاد، الافراج عن المتبقي من الاسرى بدون اي ضمانات لوقف الحرب او الامتناع عن إحتلال غزة، موافقة “حماس” على المباديء الخمسة المعلنة اي “الإستسلام” ولا اقل من ذلك
بالمجمل، خطة “نتنياهو” هي التهجير واستمرار الحرب هو لتحقيق ذلك، واحتمالية الذهاب لصفقة جزئية ممكنة ولكن لتحقيق ذلك تحتاج إلى ضغط امريكي مباشر، وحتى لو كانت هذه الصفقة الجزئية تعتبر مرحلة اولى يتبعها مرحلة اخرى لاحقا لإنهاء الحرب، لكن المرحلة اللاحقة يجب ان تكون وفق رؤية “نتنياهو” المدعومة “ترامبيا” ووفق مباديء الكابينت الخمسة، مما يشير إلى انه اصلا وضعت هذه المباديء لأجل إطالة امد المعركة وليس بهدف التوصل لإتفاق
للاسف لا زال البعض يعتقد أن سياسة “سد الذرائع” يمكن ان تؤدي لإحراج “نتنياهو”، وان طرح الخطط الأعتراضية ستوقف المشروع “الصهيو ـ امريكي” الذي يهدف للتهجير والضم وفرض النفوذ والسيطرة الامنية على المنطقة ككل، وما يجري في “سوريا” واضح، كما ان رد “إسرائيل” على تصريحات “توم باراك” المبعوث الامريكي لكل من “سوريا” و “لبنان”، والذي اصر على ان تتخذ الحكومة اللبنانية اجراءات عملية قبل ان تتزحزح “إسرائيل” سنتيمتر من اي نقطة من النقاط الخمسة التي احتلتها إسرائيل بعد وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024
المخط القادم والذي يسمى “حسم حماس” وتحت عناوين إحتلال مدينة “غزة” (تم المصادقة على الخطط العسكرية من قبل وزير الدفاع “كاتس” ورئيس هيئة الاركان “زامير”)، وبعدها احتلال المناطق الوسطى، هو في حقيقة الأمر يستهدف “جمهورية مصر” و”جيش مصر”، كون “نتنياهو” وعرابه “ترامب” لديهم خطط تقف “مصر” حجر عثرة في طريق تحقيقها، اي أن قرار التهجير إلى “سيناء” اتخذ وبمسمى “حسم حماس” واحتلال “غزة”، ومن يقرأ خطط العمليات العسكرية التي تم إقرارها يجد البند الاول فيها “اقامة منطقة إنسانية لترحيل سكان غزة المليون اليها”، وطبعا هذه ستكون جنوب محور “موراغ” اي قريب من الحدود المصرية
الخلاصة: كل الامور واضحة ومنذ مجيء الرئيس “ترامب” وطرحه التهجير وما اسماه “ريفيرا غزة“، واي نهاية للحروب في المنطقة وفقا لرؤيا الرئيس “ترامب” لن تكون إلا بنصر “إسرائيلي“، وبحيث يتحقق حلم توسيع الكيان عبر التهجير والضم وفرض النفوذ على كل المنطقة، بإختصار “إسرائيل” هي “شرطي المنطقة“، و “نتنياهو” هو المندوب السامي الامريكي فيها