الكلمة المضادة لـ”حل الدولتين” هي “إسرائيل الكبرى”.

فتصريح نتنياهو عن إسرائيل الكبرى جاء ردًا على مسألتين:

  • الأولى: الرد على الدول التي دعت إلى الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر.
  • الثانية: الرد على التبعية العسكرية لأمريكا، إذ أعلن أنه مستعد للتخلص منها، وأكد أنه سيقوم بمشروعه سواء رضيت أمريكا أم لم ترض.

يبدو أن الموقف الأوروبي بالاعتراف بدولة فلسطينية قد أثّر على الأمريكيين، وعلى موقفهم من الاستمرار في الدعم العسكري لإسرائيل. فقد صرح الأمريكان بعد صدور الاعترافات الأوروبية بالدولة الفلسطينية عن قلقهم باستخدام كلمة مختلفة عن الاستمرار بتزويد السلاح، وقالوا أنهم قلقون بشأن “الوقت”… لا وقت، لا سلاح.

أما إثارة ملف سلاح المقاومة اللبناني، فيبدو أنه نوع من الدعم العسكري السلبي تقدمه أمريكا لإسرائيل عوضاً عن تزويدها به، وكأن الرسالة الأمريكية تقول: بدلًا من أن نرسل لكِ سلاحًا يا إسرائيل، وفرنا عليكِ استخدامه في معارك ضخمة!

وعودة إلى تصريح نتنياهو عن تبعيته لأمريكا، فإن ظهور سفينة سعودية ترسل السلاح إلى إسرائيل (ورست الآن في مصر) هو رسالة إسرائيلية مفادها أن الانفصال عن الدعم الأمريكي ممكن، وأن الدعم العسكري متوافر من مصادر أخرى.

كما يبدو أن زيارة ترامب لبوتين مرتبطة بهذه الأحداث، حيث إن الرابط المشترك بين كل هذه الخطوط هو إيران. ولا يعني هذا أن إيران هي السبب الوحيد للزيارة، فهناك ملفات أخرى مرتبطة بإيران ثم بروسيا، مثل ملف الغاز. فما يريده ترامب هو أن يفهم ما هي الحدود التي ستحرك إيران عسكرياً أو تبقيها في حالتها الراهنة، وهذا يساوي لدى أمريكا مجال الحركة الإسرائيلية في المنطقة؛ وهي الحدود التي تبقي إيران على حالتها الراهنة دون مواجهة عسكرية.

فمن وجهة نظري، ما ستفعله إسرائيل هو التوغل الشديد في أضعف الخاصرات في المنطقة، بشكل يزيد من القلق ويضاعف المخاطر والتوتر، وهي البيئة الخصبة التي طالما تضخمت بها إسرائيا. فالوجهة القادمة قد تكون سوريا وربما دول أخرى “سهلة الهضم” إسرائيليًا.

وهذا المشهد نجده أيضًا في الشركات: المدير الذي يرهق موظفيه عادةً ما يكون المدير الكبير قد أرهقه، فيبحث عن التنفيس. وهو ما تفعله إسرائيل رداً على تبعيتها المرهقة للغرب وأمريكا، وهذا أمر سيتضح أكثر في المستقبل.

وطبعا يرى نتنياهو أن “إسرائيل الكبرى” تعيده إلى مكانة أعلى عند الغرب، بل يتجاوز ذلك ليكون هو المرجع والحاكم لمصائرهم عند سيطرته على الشرق الأوسط لوحده (ليس تماماً، بل بمعاونة العرب)،فإعلان الغرب رغبتهم في الاعتراف بدولة فلسطينية هو بمثابة خرو من اللعبة، الأمر الذي يراه نتنياهو فرصة لاعتلاء العرش وحيدًا، بدلًا من أن يظل مرتهنًا لهم. فالذي سيفعله هو أنه سيتحرك لاستنزاف الضعفاء (العرب) أملاً بأن يصبح سيدًا على الأقوياء (أوروبا وأمريكا).

By adam