نزف رفيقين من أخلص الرفاق، وهبا الروح الأغلى للحرية بلا تردّد، فالأرض لا تشرب إلا من دماء مَن أحبّوها بصدق.
أبو خليل… الصديق العزيز والقائد المثال الذي يسبق الصفوف، وللرجل الذي حمل همّ الوطن في قلبه ورسمهُ ابتسامة تفاؤل دائمة على وجهه تبشر بحتمية النصر . والقامة التي لم تنحنِ، الثابت وسط العواصف، لا يعرف المساومة. رجل كل المهمات النضالية الصعبة ، يقبض على الحلم والفكرة والقضية ، ظل الموجة التي لا تنكسر على صخور ملحمة غزة وهو ابنها البار ووعد فلسطين.
ومفيد… الرفيق الوفي الذي سار على الطريق ذاتها، مؤمناً أن الوطن يستحق كل تضحية يسير إلى جانبه في الطريق الصعب، مؤمناً أن التضحية من أجل الحرية شرف لا يوازيه شرف.
السلام على الأرواح الطاهرة ، التي اشتاقت حتماً لرفيق القلب نضال والأحبة عماد وعبد وكل من سبق وسيلحق من ابناء القافلة الطويلة التي أقسمت بإسم الشعب وبإسم البرق العربي ان تسير معاً، ان تتقدم الصفوف معاً وتحمل الوطن في صدورها وتكون على خط الواجب وان تموت او تنتصر معاً، لأنها تعرف أن في قلوب الرفاق يكمن الجِمال الحقيقي، فدونهم الأرض تصير أكثر صمتاً، والحكاية ناقصة إلا من ذكراهم.
يا رفيق ابو خليل ، ويا رفيق مفيد ان الوداع ليس نهاية، بل عبورٌ نحو المهمة النبيلة في سبيل الغاية النبيلة ، لتزرع بذور الحق في أرواحنا وكي تنمو فينا سنابل الأمل.
والعزاء لشعبنا، والعهد أن نظلّ على الدرب… حتى تتحقق الأماني التي رويت بدمائكم، ها أنتما تمضيان كما يليق بمن كان ضوءاً في دروبٍ وعرة وقاسية وطويلة، وكما يليق بظل شجرةٍ احتمى النازحون بها في الخيام… العابرون من مخيم إلى مخيم، ومن خيمة إلى خيمة، يجرّون ظلالهم معهم.
سلامٌ عليكما حيث أنتما، وسلامٌ على الطريق الذي ترك لنا، وعلى الوصية التي نحفظها في صدورنا: أن نبقى واقفين، كما كنتم … حتى آخر الحلم.