احتفالاً بذكرى ميلاد القائد المحرّر من الاستعمار الإسباني، سيمون بوليفار (1783-1830)، أحيت شعوب فنزويلا وكولومبيا والإكوادور وبيرو وبوليفيا هذه المناسبة. حيث أُقيم في معهد سيمون بوليفار بالعاصمة الفنزويلية كاراكاس، يومي 23 و24 تموز/يوليو الماضيين، مؤتمر دولي بعنوان “من أجل إنسانية أكثر إنسانية”. ضم المؤتمر وفوداً من المفكرين والسياسيين ونشطاء من قوى يسارية تقدمية يمثلون أربعين دولة، مع تمثيل بارز لدول الجنوب العالمي.

يُذكر، إن سيمون بوليفار قائدٌ ثوريٌ قاد كفاح التحرير من الاستعمار الإسباني في أوائل القرن التاسع عشر. لُقِّب بـ “المحرر” (El Libertador) لدوره المحوري في تحرير دول: فنزويلا، كولومبيا (التي ضمّت حينها بنما)، الإكوادور، بيرو، وبوليفيا. أسس جمهوريات مستقلة ووحّد جهودها ضمن مشروع “كولومبيا الكبرى”…

تلت أعمال المؤتمر مباشرة انعقاد “قمة الشعوب ضد الحرب” التي دعا إليها الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو. وعلى هامش المؤتمر، شاركت الوفود الدولية في مراقبة الانتخابات التي جرت يوم الأحد 27 تموز/يوليو الماضي؛ لضمان شفافيتها وترسيخ نموذج ديمقراطي فريد منفتح على رقابة شعوب العالم.

تناولت معظم مداخلات المشاركين في المؤتمر أبرز الأحداث والمشكلات المشتركة التي تواجهها دول العالم، ولا سيما شعوب الجنوب العالمي ومواجهتها لعنف الإمبريالية. كما تطرق المؤتمرون إلى القضية الفلسطينية، مؤكدين أنها قضية دولية تهم كل أحرار العالم ، وتفضح النظام الإمبريالي، موجهين الدعوة لجميع الحكومات والشعوب إلى تفعيل النضال والتحركات لدعم فلسطين ووقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

كذلك، دعا المؤتمر الشعوب إلى الوحدة باعتبارها الطريق الوحيد للنصر، وإلى بحث وابتكار أدوات نضالية جديدة، تعمل على تحقق النصر  وتواكب المتغيرات في القرن الحادي والعشرين.

 “الوفدي” يدعو إلى تفعيل النضال الأممي…

وللمناسبة، ألقى عدنان المقداد، نائب رئيس اتحاد الشباب العالمي (WFDY) ومسؤول المنطقة العربية بالمنظمة، كلمة، مستهلها بالتحية إلى الرفيقات والرفاق، و”إلى الشعب الفنزويلي البطل، تحية إلى رفاق حزب الاشتراكية الموحدة في فنزويلا (PSUV)”، وقال 
“الأنشطة التي نقيمها اليوم تجمع أساسي للشعب الفنزويلي والمنظمات الدولية، توحدنا جميعاً في التزامنا المشترك بمستقبل أفضل. وكما هو الحال دائماً، تُعد هذه اللحظات محطة مهمة في مسيرة نضالنا”.  

وتابع “في إطار هذه الأنشطة، ينظم الحزب الاشتراكي الفنزويلي منصات وحلقات دراسية لمناقشة قضايا أساسية، وحوارات جماعية لتعزيز الوعي الاجتماعي وتبادله بين الناس. وقد تجلّى بوضوح استعداد الشعب الفنزويلي والتزامه في مواجهة الإمبريالية، خاصة عبر إدانته المستمرة للحصار الجائر على الشعب الكوبي، وتضامنه الواضح مع الشعب الفلسطيني. لقد رأينا علمين، علم فنزويلا البوليفاري وعلم فلسطين، يرفرفان معاً عند النصب التذكاري للقائد هوغو تشافيز، معبرين عن المعنى الحقيقي للتضامن ومستمرين في إرث القائد تشافيز الذي وقف تاريخياً، وبمساندة الشعب الفنزويلي، إلى جانب الشعب الفلسطيني ضد الإبادة والاحتلال الصهيوني”.  

fc9c463f-3421-4c91-8695-be6d05f792e2.jpeg

ووجّه المقداد التحية إلى المنظمات الحاضرة في المؤتمر، وللشعوب التي تواصل مقاومة الإمبريالية، وللمقاومة الفلسطينية واللبنانية الصامدة، ولكل من يواجه يومياً واقع الرأسمالية والاحتلال والقوى الرجعية في شتى أنحاء العالم.  
وأكّد على أنه “مع كل أزمة دولية، يزداد وضوح صحة رؤيتنا التقدمية والشيوعية في سعيها لتحقيق العدالة للشعوب والقضاء على كل أشكال الحروب والاستغلال وأسبابهما. اجتماعنا هنا كقوى يسارية تقدمية من مختلف أنحاء العالم ليس مجرد رمز، بل نابع من حاجة ملحة لتوحيد جهودنا وتعزيز حركتنا. فنحن نواجه عدواً مشتركاً: الإمبريالية وأدواتها، والرأسمالية ووحشيتها. نضالنا من أجل الحقوق الأساسية لكل البشر واستعادة الثروات المنهوبة من المستغلين هو نضالنا المشترك والعالمي، الذي يجب أن نخوضه معاً”.  

وأضاف “في وقت تترنح فيه مكانة الإمبريالية العالمية، تسعى الأخيرة لإعادة إنتاج نفسها عبر دماء الشعوب ونهب أراضيها ومواردها. هذا ما نراه في التدخلات السياسية الأمريكية بأمريكا اللاتينية، والدعم الإمبريالي الأوروبي للأنظمة المتواطئة في إفريقيا لاستغلال موارد القارة، وفي مصانع الشركات الإمبريالية التي تستغل عمال آسيا بأجور زهيدة.  
 نراه في القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة على أراضينا، وفي الحروب التي تشنها أو تدعمها ضد شعوبنا، وآخرها الجرائم والإبادة الجارية في المنطقة العربية”.  

وشدّد ممثل “الوفدي” على أن “الاحتلال الصهيوني يشكل جزءاً من المشروع الإمبريالي في منطقتنا، حيث شيد مستوطناته على أنقاض بيوت شعبنا وشرّد أهله لإعادة تشكيل المنطقة واقتصاداتها خدمةً للشركات العالمية الكبرى”، شارحاً أن جرائمه في فلسطين استمرت لعقود، وامتدت إلى لبنان باحتلال شبعا وكفرشوبا، وإلى سوريا باحتلال الجولان وارتكاب الاعتداءات، وعقد صفقات اقتصادية مع أنظمة متواطئة.  

وأوضح أن “ما نشهده اليوم في فلسطين المحتلة من جرائم تمتد إلى لبنان، وما يتبعها من اعتداءات على مدن سورية وعراقية ويمنية، إلى جانب اتفاقات التطبيع بين أنظمة عربية متحالفة مع برجوازياتها والاحتلال، يأتي كل ذلك في سياق التوسع المستمر للاحتلال الصهيوني بالمنطقة. هذا التوسع يخدم المشروع الإمبريالي الرامي لخلق “شرق أوسط جديد” يكون ممراً للبضائع العالمية من الهند إلى أوروبا، على حساب دمائنا وإبادتنا وتهجيرنا الجماعي.  

في إطار هذا المشروع، ارتكب الاحتلال جرائم مروعة في فلسطين: إبادة وقتل وتجويع وحبس وقصف مستشفيات ومدارس وقطع مساعدات وإغلاق معابر، وسط تخاذل أنظمة عربية في منع وصول المساعدات الإنسانية ومواصلة إقفال المعابر. هدف الاحتلال كان تهجير أهالي غزة إلى مصر، وتهجير أهل الضفة إلى الأردن، للسيطرة على مواقع استراتيجية على الحدود المصرية.  

لهذا السبب، أجهض الاحتلال المفاوضات وأطال أمد حرب الاستنزاف لفرض شروطه، وارتكب جرائم حرب بحق اللبنانيين ضمن حرب تكنولوجية لزعزعة جبهة الدعم”.  

واختتم كلمته بالتأكيد على ضرورة النضال الأممي وحتمية فشل الإمبريالية ومشاريعها في المنطقة، وقال “من ناحية أخرى، تواصل المقاومة والشعوب في فلسطين ولبنان تمسكها بالمواقف الرافضة للاحتلال، وتبدي صموداً في وجهه. ومن خلال تحليلنا، نرى أن السبيل الوحيد لتحرير فلسطين هو من خلال المقاومة المسلحة الفلسطينية، التي يشارك فيها رفاقنا من الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية.

الهدف