‏أكتب كلماتي لزياد ومن زياد وفي نوتة الموسيقى ثورة حمراء ، وعبقرية الصبي ابن الثانية عشر الذي كتب ” صديقي الله ” وحين تقرأ تلك الكلمات تقف بذهول أمام عظمة الكاتب ولكن حين تعرف بأن كاتبها زياد الرحباني يأخذك الشعور بأن الرحباني المعجزة  كان حالة نادرة في العائلة التي تنتمي إلى الموسيقى والذي أضاف الكثير لعائلته في الموسيقى رغم عظمة عائلته وصوت الأم فيروز – صوت الله في الأرض. –

كتب الكثيرون منذ خبر وفاتك ، وأصبح الجميع محباً لك ويتداول نوتاتك التي كتبتها بحبر الإيمان الثوري والانتماء للقضية وربما أصبحت في وفاتك شخصاً أضاف للفن والموسيقى ، وتناسى اليمين والناعين لك بأنك قبل كل شيء وبعده أنت الرفيق زياد صوت الجماهير وصدى الحقيقة ” وبالنسبة لبكرا شو ؟ ما الفيلم مكفي وشايفينو من غير تلفزيون ، ما هيدا فيلم أمريكي طويل يا رفيق “
حينما أعلنوا وفاتك تواصل العديد من الأصدقاء ليخبرني بخبر وفاتك وأنت بالنسبة لي لا تموت فما زلت أذكر أحدهم حين قال ” خي الرحباني ” أو أحدهم حينما وجد كتاباتي والحوارات المكتوبة باللهجة اللبنانية وشق طريقي في هذا المنحنى بأسلوبي الخاص ” أبانا الرحباني”
ترددت كثيرا يا رفيقي وصديق أيامي والليالي الصعبة في الكتابة والتعبير عن الشعور اتجاهك ، حينما رأيت العديد من الأشخاص المتسلقين على اسمك سواء يساراً أو يميناً عن وفاتك ، وكنت أرى الابتذال حتى في حروفهم وخصوصاً أولئك الذي يسمون أنفسهم رفاقاً ، وكيف لم يمر على خبر وفاتك السويعات ونهمرت أقلامهم بالحزن ! كيف تجرؤ على حزنهم وكتبوا إن كانوا صادقين بحزنهم لكنك قلتها ذات يوم ” آهٍ لو كان الكلام كالخبز يشرى ، فلا يستطيع أحد أن يتكلم إلا إذا اشترى كلاما “

زياد الرحباني المناضل : زياد الرحباني ليس مجرد اسم فإن كانت مسرحياته برسم المسرح السياسي الساخر فهي تعبر عن وجع وآلام وما يدور في عقولنا ، زياد صوتنا الذي كان ينقله لخشبة المسرح وفي صوت ” معلم نخلة” – جوزيف صقر ، وصوت الأم فيروز ومغنيين ممن أمن زياد في صوتهم ، نبذ زياد أيضا الطائفية فكانت أغنية لا تسألني عن ديني ، وزمان الطائفية ، والمفارقة العجيبة بأن زياد رحل عن عالمنا في الوقت الذي عادت به الطائفية أقوى فهذا الزمان لا يليق بالرحباني ، لكننا نأسف أيضا بأن لا يجتمع جورج عبد الله وزياد الرحباني مجددا وهنا تتجلى سخرية الحياة ، وكي تتعرف على زياد أكثر عليك الرجوع إلى برنامجه على الردايو ” العقل زينة.” وترتل كلمات أغنية ” أنا مش كافر ، بس الجوع كافر ” وكيف تكون طريق صبحي الجيز للتغير والثورة.

زياد الجنوبي الغربي: لم يكن من هواة الطبقة المخملية أو متجرد من إنسانيته أو مجرد هاو وبائع لحن ، وقد كافح كثيراً وعاش حياة الكدح فقد ورد في إحدى مقابلاته بأن كان يُسَجَّل على ” مسجلة صغيرة ” وأيضاً يضيف كان يبيع لحنه للوالده كي يسير أمور حياته ، وفي الحرب الأهلية لم يحتمل العيش بأوساط الإنعزالين فقد حبذ الرحيل لبيروت الغربية وقد سجل تسجيل لدلال كرم من هناك ” سلام لإلك من المنطقة الغربية. “
وأما عن الجنوب والمقاومة في الجنوب فقد كان زياد في الصف الصحيح من التاريخ وقد لحن للسيد الجنوب ” هذا السيد ” وهذا اللحن والجمال الموسيقي من النوتات والكلمات هي صدق الانتماء إلى المقاومة والحب الكامن للسيد ، وعلى أنغام عودك رنان ” عيدا كمان ضلك عيدا يا علي ” غزل صريح للسيد المقاومة وتأكيد على أحقية استمرار المقاومة.
زياد الرحباني في الحب : تجلت المبادئ في زياد حتى في الحب وكان انسان نبيل رغم ما عايشه من مشاكل عديدة في زواجه الأول ، فكانت أغنية ” بلا ولاشي بحبك ” وتجلت فيها معنى الحب اليساري النادر والمفقود في هذا الزمان رغم كثرة يسارين لكنهم يسار من ورق ، و أيضاً أغنية ” ثورة بعينيكِ ” و ” مربى الدلال ” ولأن زياد صادق في حديثه وشعوره وترجمه للأغنية كانت أغنية ” الحالة تعبانة يا ليلى ” وحينما عاش الحب والزواج الثاني من الفنانة القديرة ” كارمن لبس ” كانت أغنية ” عندي ثقة فيك ” ورغم انفصالهم بعد زواج بقي الوفاء عنوان لعلاقتهم ، وقد رأينا دموع وانهيار كارمن لبس على التابوت وليتك كنت حاضرا لترى بانها ما كانت “عايشة وحدا بلاك. “
ويا رفيق زياد لا كلمات أكثر تكتب فأنت أكبر من أن تكتبك السطور وأعمق من أن يبتذل الكتاب في الكتابة عنك ،وفي زمان التزيف كثيراً ما تنسب كلمات لك و كثيرا ما يتم زج صورتك الشهيرة من أطفال الترند أو مراهقين للكلمات ليس لك منها سوى انها التصقت باسمك ، وعلينا نحن كما نحرص ورد الشهداء أن نحرص اسمك وفكرك كي يبقى أرثك صافٍ للأجيال القادمة لعلهم أنطلقوا في الموسيقى من مدرستك وفي عنوان الثورة من اسمك الحقيقي الرفيق زياد.
وأخيراً : لا كلمات سوى كلماتك يختم بها الحديث لعلنا نجد بها بداية ” منمشي ومنكفي الطريق يا رفيق”
محمد البربراوي فلسطين