كتبت صحيفة “البناء”: مع اختتام المؤتمر الأمميّ حول حلّ الدولتين بقيادة سعودية فرنسية، كان طوفان الأقصى يحقق أحد إنجازاته التي لم يسأل أصحاب المؤتمر أنفسهم عن مغزى مَن جمعهم تحت راية قيام دولة فلسطينية بعدما ماتت الفرص السياسية للحديث عن حقوق الشعب الفلسطيني، وهل كان هذا الجمع وهذا الزخم ممكنين لولا الطوفان والتداعيات التي أطلقها في شوارع الغرب تاييداً لحقوق الشعب الفلسطيني، والطوفان وأصحابه لا يضيرهم عدم الاعتراف بالفضل، ولا إدراج نزع سلاح المقاومة التي أطلقت الطوفان ضمن أهداف المؤتمر الذي انعقد ببركات الطوفان، فالأهم هو أن الطوفان نجح بقيادتهم نحو ردّ الاعتبار لحقوق الشعب الفلسطينيّ بعدما تاهوا عنها لسنوات طغت خلالها شعارات ودعوات التطبيع على قاعدة شرعنة الاحتلال وارتضاء التسليم بتصفية حقوق الشعب الفلسطينيّ.
على الضفة الأميركية الإسرائيلية ارتباك بعدما انضمّت بريطانيا إلى صفوف المنادين بالدولة الفلسطينيّة والذين يلوّحون باعتراف أحاديّ بدولة فلسطين ما لم يتم إنهاء حرب غزة خلال الشهر القادم، وقد صار عدد الدول المنضوية ضمن اجتماع السبعة الكبار التي شاركت في توقيع بيان حل الدولتين أربعاً، هي فرنسا وبريطانيا واليابان وكندا، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي ودول عدم الانحياز وروسيا والصين، وبدأت حكومة بنيامين نتنياهو بشنّ حملة شديدة اللهجة ضد حكومة بريطانيا والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي قال مسؤول إسرائيلي إنه قام بهدم السدّ الذي وضعه الغرب بوجه أي مشروع جدي لقيام الدولة الفلسطينية.
في غزة مواجهات مستمرة للمقاومة مع الاحتلال وغارات تحصد عشرات المدنيين بنيران الاحتلال وجوع كافر يستنزف طاقة الأطفال والكبار على الحياة، بينما تحصد واشنطن وتل أبيب الفشل في كل محاولات الالتفاف على حقيقة التسبب بالكارثة وإصرار العالم على حلول تنطلق من وقف الحرب واستدامة تدفق المساعدات براً وتسليمها للمنظمات الأمميّة حصراً، ورفض التعامل مع المناورات الإسرائيلية عن إيصال المساعدات جواً واعتماد مؤسسة غزة التي قتل الجياع على أبوابها، والحديث عن وقف مؤقت لإطلاق النار، وسط حديث إسرائيلي عن النية بالذهاب الى احتلال قطاع غزة والبدء بإجراءات الضم والاستيطان في الجزء الشمالي منه، بينما ذهب الرئيس الأميركي إلى الاستعانة بزوجته لتقديم الاعتراف بالكارثة قائلاً إنها شاهدت صورة المجاعة وتألمت، وإنه لا ينكر أن الوضع لا يطاق.
لبنانياً، تتواصل الضغوط الأميركية على الدولة لإحلال أولوية ملف سلاح المقاومة على ملف إلزام الاحتلال بتنفيذ موجبات الاتفاق الخاص بوقف إطلاق النار والانسحاب إلى ما وراء الخط الأزرق، في ظل موقف لبناني منفتح على كل نقاش حول مستقبل السلاح، لكن على قاعدة أولوية الانسحاب الإسرائيلي وفقاً لنص اتفاق وقف إطلاق النار بعدما نفذ لبنان موجباته بانسحاب حزب الله لصالح الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني.
تكثفت الاتصالات السياسية اللبنانية مع دبلوماسيين غربيين وعرب، إضافة إلى مسؤولين أميركيين، في محاولة لاحتواء التصعيد مع «إسرائيل» ومنع انزلاق البلاد نحو مواجهة أوسع. وتركّزت هذه الجهود ولا تزال، بحسب مصدر سياسي مطلع لـ»البناء» على مطلبين أساسيّين: وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الجنوب، ومنح لبنان هامشاً زمنياً إضافياً لمعالجة ملف سلاح حزب الله، غير أن الأجواء التي ارتسمت من هذه الاتصالات لا تبدو مشجعة، إذ تزداد الضغوط الدولية، وخصوصاً الأميركية، باتجاه مطالبة لبنان بخطوة أولى ملموسة، تظهر جدّية في التعامل مع هذا الملف. ويعكس هذا التحوّل تراجعاً في هامش التساهل الدولي، وانتقالاً من مرحلة الاحتواء والتفهم إلى ممارسة الضغط المباشر، ما وضع الحكومة اللبنانية أمام معادلة دقيقة بين تجنب المواجهة العسكرية والحفاظ على توازن الداخل السياسي، في وقت تضيق فيه هوامش المناورة بسرعة، وهذا الأمر دفع رئيس الحكومة إلى الإعلان عن جلسة لمجلس الوزراء للبحث في ملف حصرية السلاح.
كشفت وكالة «رويترز» نقلاً عن مصادر مطلعة أن واشنطن تكثف الضغط على بيروت للإسراع بإصدار قرار رسميّ من مجلس الوزراء يلزمه بنزع سلاح حزب الله قبل استئناف المحادثات بخصوص وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان.
وذكرت المصادر، وهم مسؤولان لبنانيان ودبلوماسيان ومصدر لبناني مطلع، أنه إذا لم يقدم الوزراء اللبنانيون التزاماً علنياً، فإن الولايات المتحدة لن ترسل المبعوث الأميركي توم براك إلى بيروت لإجراء مفاوضات مع المسؤولين اللبنانيين ولن تضغط على «إسرائيل» لوقف الغارات الجوية أو سحب قواتها من جنوب لبنان.
وذكرت المصادر أن رئيس مجلس النواب نبيه بري، طلب من الولايات المتحدة ضمان وقف «إسرائيل» ضرباتها كخطوة أولى من أجل التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار الذي تسنّى التوصل إليه العام الماضي وأنهى قتالاً دام شهوراً بين حزب الله وإسرائيل. وأضافت المصادر لـ «رويترز» أن «إسرائيل» رفضت اقتراح برّي بوقف ضرباتها على لبنان.
وعليه دعا رئيس الحكومة نواف سلام إلى جلسة حكوميّة نهار الثلاثاء المقبل، أبرز بنودها البحث في موضوع حصر السلاح بيد الدولة. وأفاد سلام أنه، وبسبب الدعوة إلى جلسة تشريعية نهار الخميس، تزامناً مع الموعد الأسبوعي لجلسة مجلس الوزراء ومشاركة الحكومة فيها، قرر تأجيل جلسة مجلس الوزراء.
وأضاف أن مجلس الوزراء سيعقد جلستين في الأسبوع المقبل، وسيكون على جدول أعمال الجلسة الأولى استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقه المتعلّق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتيّة حصراً، وهو النقاش الذي بدأ في جلسة 17 نيسان الفائت، إضافة إلى البحث في الترتيبات الخاصّة بوقف الأعمال العدائيّة لشهر تشرين الثاني الفائت، والتي تضمّنت ورقة السفير توم براك أفكاراً بشأن تطبيقها.
وكان رئيس الحكومة زار رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في بعبدا، وبحث معه الأوضاع العامّة في البلاد، والقوانين المطروحة على جدول أعمال جلسة مجلس النواب، إضافة إلى ما سيطرحه في اللقاءات الّتي سيعقدها عون في زيارته الرسميّة إلى الجزائر التي بدأت يوم أمس.
وأكدت مصادر سياسيّة أنه لا مانع بالنسبة للرئيس نبيه بري من إدراج بند سلاح حزب الله على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، شرط أن يجري النقاش ضمن الأطر التي رسمها خطاب القسم والبيان الوزاري اللذان نالا إجماع القوى السياسية. ومع ذلك، تشير أوساط برّي إلى أن الاهتمام الفعلي في الوقت الراهن هو على الجلسة التشريعية المرتقبة يوم الخميس، نظراً لما ستتضمّنه من إقرار لقانونَي إصلاح القطاع المصرفيّ واستقلالية القضاء. ويكتسب هذان القانونان أهميّة مضاعفة، لا فقط لكونهما مطلبين داخليين ملحين، بل أيضاً لأنهما يشكلان جزءاً أساسياً من ورقة الإصلاحات التي طرحها الموفد الفرنسيّ جان إيف لودريان، والموفد الأميركي توم براك.
وأعلن مرشح الرئيس الأميركي لتولي منصب سفير الولايات المتحدة في لبنان ميشال عيسى أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي أنه إذا تمّت المصادقة على تعيينه في منصبه فإنه سيعمل مع الرئيس اللبناني جوزف عون والحكومة اللبنانية والجيش اللبناني لضمان استعادة سيادة لبنان بشكل كامل. وشدّد على أن «نزع سلاح حزب الله ليس اختيارياً ولكنه ضروريّ ووقت العمل هو الآن». وأضاف عيسى أن «حزب الله يعلم أنه إذا لم يسلّم السلاح فإن شيئاً ما سيحصل. لا أعرف ماذا سيحصل ولكن شيئاً ما يجب أن يحصل». وختم عيسى «أسمع في الأخبار أن الحكومة اللبنانية قد تجتمع قريباً وتتخذ قراراً حول جدول زمني معين لنزع السلاح. وهذا قد يخلق ضغطاً على أمل أن يحلّ المشكلة. ولكن يجب على الحزب أن يذهب وينزع سلاحه لجلب نوع من الأمل للبنان».
هذا وتتضمن الجلسة التشريعية التي تعقد غداً، بحسب ما أعلن أمين سر هيئة مكتب مجلس النواب النائب ألان عون بعد اجتماع لهيئة مكتب المجلس برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري أن قوانين تأجلت من الجلسة الماضية لها علاقة باقتراحات قوانين وفيها تعديلات على قوانين موجودة وأولها له علاقة بقانون الإيجارات غير السكنية، ثانياً قانون له علاقة بمزاولة مهنة الصيدلة، والثالث هو شروط إعطاء مديري المدارس الرسميّة تعويض إدارة، هذه القوانين الثلاثة تأجلت من الجلسة السابقة، وفي هذه سوف تكون من ضمن جدول الأعمال وسنبدأ بها الجلسة. وأضاف عون: بالإضافة لهذا الشيء هناك قانونان أساسيّان وهما من بين القوانين الإصلاحيّة. القانون الأول له علاقة بالقضاء العدليّ أي استقلاليّة القضاء. والقانون الثاني وكما تعرفون هو قانون إعادة إصلاح وضع المصارف او إعادة هيكلة المصارف، هذه قوانين أساسية إصلاحية كل المجتمع الدولي وكل المؤسسات تطالب بها وأعتقد أنه بهذين القانونين اليوم يكون مجلس النواب أنهى الجزء الذي وصل إليه ويبقى قانون أساسي لم يصل بعد الى مجلس النواب وكل اللبنانيين بانتظاره وكل المودعين بانتظاره هو قانون الفجوة المالية أو الانتظام المالي واسترداد الودائع، وهو الآن مطلوب من الحكومة بأسرع وقت أن تنجزه وترسله الى مجلس النواب لكي ننهيه. بهذه الحالة كل الرزمة الإصلاحية التي طلبت منّا كتمهيد للاتفاق مع صندوق النقد وغيره تكون عملياً تحققت بعد كل القوانين التي أنجزناها، هذه الجلسة إذًا مهمة جداً على هذا الصعيد وهذان القانونان الكل بانتظارهما، إنما لا تكتمل الفرحة إلا إذا عرف المودعون ما هو مصير قانون استرداد الودائع، اليوم الكرة أصبحت عند الحكومة، عليها الإسراع بإرساله خاصة أن حتى قانون إعادة هيكلة المصارف الذي تم إقراره أمس في لجنة المال وهو مطروح في جلسة الخميس مشروط ومربوط بإصدار قانون الفجوة المالية، يعني لا يمكن أن يعلق تنفيذ هذا القانون بانتظار إصدار القانون الآخر، هذا ما كنّا بصدده اليوم على جدول أعمال جلسة الخميس.
وسط هذه الأجواء، غادر الرئيس عون مطار بيروت، متوجهاً إلى الجزائر في زيارة رسمية تستمر يومين، تلبية لدعوة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، يرافقه وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي، ووزير الإعلام بول مرقص، ووفد رسمي. وقد أجرى الرئيس عون محادثات رسمية ثنائية وموسعة مع نظيره الجزائري تناولت سبل تطوير العلاقات بين البلدين. وخلال اللقاء الموسع طلب الرئيس عون من مستشاره علي حمية شرح الملفات حول إعادة إعمار المنشآت الحكومية والبلدية وترميم مبانٍ سكنية فرد الرئيس تبون أن الجزائر سند للبنان بإعادة الإعمار وكلف لجنة مهندسين جزائريين للكشف الميداني، واعتبر مصدر دبلوماسي جزائري أن كل ما تمناه لبنان ناله في هذه الزيارة، هذا وقرّرت الجزائر تقديم هبة للبنان كناية عن سفينتين محملتين بالفيول أويل لصالح معامل الكهرباء، وأعلن أيضاً أن الطيران الجزائري سيستأنف رحلاته إلى بيروت.
وكان الرئيس عون أوضح لدى وصوله إلى مطار الجزائر أنه «خلال هذه الزيارة، سنبحث مع القيادة الجزائرية سبل تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والإعلامي، وتعزيز التبادل في مجالات التعليم والصحة والتكنولوجيا، كما سنتناول القضايا العربية المشتركة والتحديات الإقليمية، انطلاقاً من إيماننا بضرورة العمل العربي المشترك الذي يحقّق الحلول السلميّة ويطلق الحوار البناء في كل القضايا التي تهمّ شعوبنا».
وكان نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة، أدوا، بحضور وزير المال ياسين جابر، وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، قسم اليمين أمام رئيس الجمهورية. كما أدّى أيضاً رئيس لجنة الرقابة على المصارف مازن سويد وأعضاء اللجنة ربيع نعمة، نادر حداد، تانيا كلاب، وآلين سبيرو، قسم اليمين أمام الرئيس عون.
من جهة ثانية، عقد مجلس القضاء الأعلى اجتماعاً بعد الظهر لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلات القضائية. وأكدت مصادر في المجلس أن أي خلاف لم يحصل بين المجلس ووزير العدل عادل نصّار.
على صعيد آخر، انطلقت المرحلة الأولى من خطة الحكومة لعودة النازحين السوريين بالتنسيق بين المديرية العامة للأمن العام اللبناني والدولة السورية، عبر مركز المصنع الحدوديّ. وقد تمّ تحديد نقطة التجمّع في بر الياس – ملعب نادي النهضة، استعدادًا لانطلاق القوافل نحو سورية. أتت الخطوة في إطار العودة المنظمة والآمنة بمشاركة كل من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR))، والمنظمة الدولية للهجرة IOM))، والصليب الأحمر اللبناني، وعدد من المنظمات الإنسانيّة.
وفي السياق، قالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سورية سيلين شميت إنه «بالتنسيق مع مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان والهيئة العامة للموانئ البرية والبحرية في سورية، نقوم بتسيير أول قافلة عودة طوعيّة من لبنان إلى سورية، وذلك في إطار برنامج العودة الطوعيّة المنظمة».
وأضافت «أن إجمالي عدد اللاجئين السوريين العائدين طوعاً بلغ 72 لاجئاً»، مشيرة إلى أن «حتى تاريخ الـ 14 من تموز الجاري سجّل أكثر من 17000 لاجئ سوري في لبنان رغبتهم في الاستفادة من برنامج العودة الطوعية الميسرة وحصلوا على استشارات حول خطوات العملية وتبعاتها».
وأكد مدير معبر جديدة يابوس عبد الرزاق المصري في تصريح أنه «تم بالتنسيق مع الجانب اللبناني لتسهيل إجراءات قافلة العودة الطوعية الأولى للاجئين السوريين من لبنان والتي تضم 72 لاجئاً بما في ذلك إعفاؤهم من دفع أي رسوم وتقديم كل الخدمات لهم وتنظيم استقبالهم».
وأفادت مصادر رسمية لبنانية لـ «سكاي نيوز عربية»، بأنه ابتداء من كانون الثاني 2026 لن يبقى أي سوريّ في لبنان بصفة «نازح».