في ظل ذكرى النكبة الفلسطينية الـ77، حيث تتجدد الجراح ويتعاظم الإصرار، ومع تصاعد الحراك الشعبي والرسمي حول العالم لوقف حرب الإبادة المتواصلة على غزة، بزغت مبادرة إطلاق قوافل دعم إنسانية متعددة الاتجاهات – برية، وبحرية، وجوية – في تحرك نوعي يعكس الإرادة الحرة للشعوب في مواجهة الصمت الدولي.
وانطلقت قافلة “الصمود” التي تضمّ آلاف المتطوعين من تونس باتجاه قطاع غزة، من أجل المطالبة بوقف حرب الإبادة، وكسر الحصار، وإدخال المساعدات، فيما تقرر أن تلتقي هذه القوافل منتصف شهر يونيو في مدينة العريش المصرية، حاملة رسالة تضامن صريحة، تتجاوز العبارات إلى الفعل، وتُعبّر عن الموقف الإنساني العابر للحدود في وجه آلة القتل والحصار.
وتضم القافلة شخصيات نقابية وسياسية وحقوقيين ومحامين وأطباء وإعلاميين، إلى جانب أعضاء في منظمات شبابية، فيما نشرت التنسيقية برنامج الانطلاق من المدن التونسية الرئيسية ونقاط الالتقاء على طول مسار القافلة.
وفي هذا الإطار، يؤكد ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في تونس، الرفيق عابد الزريعي، أنّ  “تنسيقية العمل المشترك” كانت الطرف المبادر من الجانب التونسي، مستفيدة من علاقاتها السابقة مع عدد من الجهات الدولية التي شاركت في جهود مشابهة، بينها التفكير سابقًا في إطلاق سفينة “مرمرة 2” من تركيا.

ويوضح الزريعي، خلال حديثه إلى “بوابة الهدف“، أنّ هذه المبادرة التونسية تقاطعت مع مواقف العديد من الهيئات الوطنية الكبرى، من بينها “الاتحاد العام التونسي للشغل”، و”هيئة المحامين”، و”هيئة المهندسين”، و”جمعية المليون الريفية”، و”مرصد مقاومة التطبيع”، ومؤسسات أخرى عبّرت عن دعمها الكامل للقافلة.
ويشير الرفيق، إلى أنّ “الترتيبات الفعلية لانطلاق القافلة بدأت منذ منتصف مايو/أيار الماضي، غير أن العقبة الأساسية التي واجهتها كانت إدارية بحتة، تتعلق بالحصول على تأشيرات دخول للأراضي المصرية، خاصة للمشاركين من بلدان المغرب العربي، مثل موريتانيا والجزائر وتونس و ليبيا، وهي عقبة لا تزال قائمة حتى لحظة إعداد هذا التصريح”.

وفي ما يخص التنظيم والإدارة، يذكر الزريعي أنّ “لجنة تنسيقية وإعلامية تكفلت بالإشراف على كافة الجوانب اللوجستية، من إعداد القوائم والأسماء إلى تحديد الاحتياجات، كما شارك الهلال الأحمر التونسي في التحضيرات لتأمين الجوانب الصحية خلال الرحلة”.
وعن دور الجبهة الشعبية، يبين الزريعي، أنّه “منذ البداية كنا طرفًا استشاريًا، وتواصل معنا القائمون على القافلة بخصوص القضايا الأساسية، وحينما نضج المشروع، أصبحنا فاعلين رئيسيين في كافة الأنشطة التحضيرية، خاصة على الصعيد الجماهيري، من خلال المشاركة في الندوات بمدينة القيروان وصفاقس، لتعبئة الشارع ووضع رؤية سياسية واضحة للقافلة”.
ويقول الرفيق: “الجبهة لعبت أيضًا دورًا محوريًا في تأمين خط سير القافلة عبر الأراضي الليبية، من خلال التنسيق مع منظماتها الحزبية، حيث تم تزويد قيادة القافلة بنقاط اتصال في مختلف المدن الليبية، إلى جانب التنسيق مع محطات داعمة في القاهرة وعلى معبر رفح، لاستقبال بعض المشاركين القادمين من أوروبا”.
ويلفت الزريعي إلى أنّ القافلة أثارت تفاعلًا شعبيًا واسعًا، حيث استقبلتها حشود غير مسبوقة من الجماهير التونسية والليبية في مختلف المحطات، وهو ما عكس الوعي التاريخي المتجذر في شعوب المنطقة، واستعدادها الفطري للعطاء والدعم بلا حدود”، موضحاً أنّ “كافة احتياجات القافلة تم توفيرها من خلال تبرعات عفوية من الناس، دون الحاجة إلى أي تمويل رسمي”.


ويؤكد الزريعي أنّ “القافلة لا تشكل تهديدًا لأي جهة، بل تحمل رسالة دعم وإسناد إنساني لشعب يواجه الإبادة، وتعبر عن الموقف التونسي الشعبي والتاريخي المساند للنضال الفلسطيني”.
ويختم حديثه بالقول: “أي حديث عن قوافل لاحقة مرهون بتقييم هذه التجربة واستخلاص العبر منها، قبل التفكير في خطوات نضالية جديدة، قد تتخذ شكل قوافل أو أي أدوات تضامنية أخرى”.
وتأتي هذه المبادرة بالتزامن مع منع الاحتلال الصهيوني سفينة “مادلين” التابعة لتحالف “أسطول الحرية”، من الوصول إلى شواطئ غزة حاملةً ناشطين ومتضامنين دوليين، ومساعدات إنسانية لكسر الحصار على القطاع.
واقتحم جيش الاحتلال السفينة ومن ثم اعتقل جميع الناشطين على متنها من دون مقاومة تذكر.

الهدف الإخبارية