في ظل حرب الإبادة الصهيونية المستمرة ضد شعبنا والتداعيات الكارثية التي سببتها حرب التجويع على الأوضاع المعيشية والاجتماعية، نظّمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أمس الثلاثاء لقاءً وطنياً موسعاً في محافظة خان يونس، بمشاركة عدد من الوجهاء والمخاتير، وشخصيات وطنية واجتماعية، لبحث سبل حماية النسيج المجتمعي من محاولات التفتيت والتفكيك، والتصدي لأدوات الفوضى التي يجري توظيفها من قبل الاحتلال ضمن مخططاته لما يُعرف بـ”اليوم التالي”.

اللقاء الذي عُقد في إطار مبادرة وطنية أطلقتها لجان الصمود المجتمعي التابعة للجبهة الشعبية، ناقش سُبل تحصين الجبهة الداخلية في وجه التحديات المتفاقمة، والتي يتصدرها تفشي الفوضى، وتكرار الاعتداءات على قوافل المساعدات، وتدهور في القيم المجتمعية نتيجة الحصار والتجويع والضغط النفسي والاجتماعي، في ظل محرقة متواصلة تستهدف كل مظاهر الحياة في غزة.

وخلال اللقاء، تم عرض ورقة عمل أولية مقدمة من الجبهة تُمهّد لإطلاق “ميثاق شرف مجتمعي” يحدد مسؤوليات العائلات والمؤسسات الوطنية في صون الكرامة المجتمعية، وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، ومناهضة السلوكيات الفردية والجماعية التي تُسيء إلى صورة المجتمع المقاوم، وتوفر أرضية خصبة لمشاريع الاحتلال الساعية إلى استبدال صراع التحرر الوطني بصراعات داخلية على الموارد والسلطة والنجاة الفردية.

وشدد الحضور على أن محاولات الاحتلال لتفكيك البنية المجتمعية الفلسطينية عبر الأدوات الاقتصادية والنفسية لا تقل خطورة عن القصف اليومي، بل تُشكّل امتداداً لسياسة “الفوضى المُنظّمة” التي تستهدف ضرب كل أشكال التضامن والتكافل، وتعميق الانقسام، وإضعاف قدرة المجتمع على المقاومة الجماعية.

وأكد المجتمعون أن التصدّي لهذه التحديات يتطلب جهداً وطنياً جامعاً، يتجاوز الاعتبارات الفئوية والمناطقية، ويستند إلى القيم الأصيلة للشعب الفلسطيني، وإلى الدور التاريخي للعائلات والمؤسسات في حفظ النسيج الاجتماعي، لا سيّما في الأزمات.

كما جرى التوافق على سلسلة من الخطوات العملية، أبرزها تشكيل لجان تطوعية لحماية المساعدات وضمان توزيعها العادل، ورفع الغطاء المجتمعي عن كل من يتورط في الاعتداء على القوافل أو الاتجار بالمساعدات، إضافةً إلى تنظيم لقاءات توعوية في الأحياء والمخيمات، وتعزيز الشراكة مع القوى الوطنية والبلديات والمؤسسات القاعدية.

وخلص اللقاء إلى التأكيد على أن مواجهة “مشروع اليوم التالي” لا تكون فقط بالسلاح، بل أيضاً بوحدة المجتمع وتماسكه، وبتجذير الوعي الجمعي بأن الاحتلال هو المستفيد الأول من الفوضى، والانقسام، والانزلاق نحو صراعات داخلية.

وقد جرى خلال اللقاء مناقشة ميثاق الشرف المجتمعي وعرضه على ممثلي مؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية والاجتماعية الحاضرة، حيث أُعلن وبإجماع على اعتماد الميثاق، والموافقة على تعميمه على نطاق واسع، تمهيداً لإطلاق حملة توقيعات جماهيرية دعماً لمضامينه.

وفي الختام، دعا الحضور إلى مواصلة هذه اللقاءات في مختلف مناطق القطاع، وتوسيع قاعدة المشاركين فيها، بما يضمن بلورة مشروع وطني مجتمعي يعيد الاعتبار لقيم الصمود، ويُعزز القدرة الجماعية على مواجهة المأساة، بأدوات التنظيم الشعبي والمقاومة المجتمعية الواعية والمنظمة.

ويُعد هذا اللقاء باكورة سلسلة من الاجتماعات التي تعقدها الجبهة مع خلايا المجتمع المختلفة من عشائر ووجهاء وعائلات وشخصيات وطنية ومجتمعية من مختلف محافظات القطاع.

IMG-20250603-WA0011.jpg