كشف الاقتصادي العالمي جيفري ساكس أن سياسة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، ساهمت باستمرار وتأجيج الحرب في سوريا، لافتا إلى أن واشنطن هي المحرك الرئيسي للحروب في الشرق الأوسط.

وقال ساكس، وهو مدير شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة وأستاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا، خلال مشاركته في “منتدى أنطاليا الدبلوماسي” الذي أقيمت فعالياته في الفترة ما بين 11 و13 نيسان في مركز مؤتمرات “نيست” بمدينة بيليك التركية، إن “الحرب في سوريا لم تبدأ بسبب قمع النظام، بل بأمر مباشر من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما للإطاحة بالرئيس بشار الأسد في ربيع 2011.

ساكس: اللوم كلّه على الولايات المتحدة

وجّه ساكس نقداً لاذعاً للسياسات الأمريكية و”الإسرائيلية” في الشرق الأوسط، مؤكداً أن كلا البلدين يواصلان استغلال الحرب في سوريا. وقال: “لن ننعم بالسلام في هذه المنطقة إلا إذا كانت لدينا دبلوماسية عامة قائمة على دبلوماسية حقيقية، لا على عمليات وكالة المخابرات المركزية”. وأكد أن المخابرات الأمريكية اتخذت قراراً بإسقاط بشار الأسد بناءً على تعليمات من الموساد “الإسرائيلي”.وأكد ساكس أن الولايات المتحدة و”إسرائيل” انتهجتا إستراتيجية طويلة الأمد لإعادة تشكيل الشرق الأوسط من خلال التدخلات العسكرية وحروب تغيير الأنظمة. وشدد على أن “الحرب السورية ليست سوى واحدة من ست حروب روّجت لها إسرائيل، بما في ذلك في لبنان والعراق وسوريا وليبيا والصومال والسودان”.وأكد أن هذه الحروب “حروب اختيارية”، وليست حروب ضرورة، وأدان دور القوى الإمبريالية في تحديد مصير المنطقة.

وقال: “جميع الأطراف وافقت على السلام إلا الولايات المتحدة الأمريكية قالت إنه لا يمكن أن يكون هناك سلام ما لم يرحل بشار الأسد في اليوم الأول. أما الأطراف الأخرى فقالت: لا، لا يمكنكم فرض ذلك بهذه الطريقة. ربما سيكون هناك مسار، ربما ستكون هناك انتخابات يتفق عليها، ربما تستغرق العملية سنتين أو ثلاث سنوات. لكن الولايات المتحدة قالت لا، يجب أن يرحل الأسد في اليوم الأول من أي اتفاق، وإلا سنقوم بعرقلته.. مما أدى إلى استقالة كوفي عنان واستمرار الحرب ومقتل نصف مليون شخص إضافي”.

وفي إجابة على سؤال دور المظاهرات السلمية وما يسمى بالربيع العربي، قال ساكس“أنا لا أبحث عن دور الشعب السوري، بل أبحث عن دور الولايات المتحدة و”إسرائيل”. لا تقل لي إن 600 ألف قتلوا بسبب الاحتجاجات. هذه حرب. والحرب مكلفة تحتاج إلى الأموال والسلاح. أنا أتحدث عن المؤامرة، وأعرف أن هناك عملية قادتها المخابرات الأمريكية، فهذه منطقة منذ 100 سنة تخضع للتدخلات البريطانية، والفرنسية، ثم الأمريكية منذ اتفاقية فرساي. ولن تتوقف هذه التدخلات إلا بخروج الولايات المتحدة من المنطقة. فلا يظنن أحد أن هذه التدخلات ستتوقف”. وقال متابعاً: “أنا أعرف ما تقوم به بلادي في هذه المنطقة. لا يوجد في هذا العالم ما يسمى بالمجتمع الدولي. وهناك مصالح. والولايات المتحدة هي التي أفشلت خطة كوفي عنان للسلام في سوريا عام 2012. وقد سمعت ذلك من كوفي عنان نفسه”.

القضية الفلسطينية

وتطرق ساكس إلى القضية الفلسطينية، قائلا: “إسرائيل” لا تستطيع أن تخوض يوماً واحداً من القتال بدون الدعم الأمريكي الكامل. هذه حروب أمريكية. الولايات المتحدة هي من تموّل، وهي من تقدم الدعم العسكري، وهي من تقدم الدعم البحري، وهي من تدير العمليات الاستخباراتية. وهي من تزود بالذخيرة”.وشدد على أن “ما يحدث في غزة اليوم من إبادة جماعية يتم بدعم وتواطؤ عملياتي يومي من واشنطن”.

وحث ساكس الحضور على البحث عن عملية “تيمبر سايكمور” التي نفذتها وكالة الاستخبارات الأمريكية، مؤكدا أن المنطقة تتعرض للتلاعب من قبل القوى الغربية منذ معاهدة فرساي قبل مئة عام.

واختتم كلمته بدعوة دول المنطقة إلى تحديد مصيرها بنفسها بعيدا عن التدخلات الخارجية، مؤكداً أن الحلول الحقيقية لن تأتي إلا بإنهاء سياسة “فرق تسد” التي تمارسها القوى الإمبريالية منذ قرون

وقد شارك في هذه الندوة نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماز، وكارل سكاو، المدير التنفيذي للعمليات في برنامج الأغذية العالمي، وجير بيدرسن، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، وجيفري ساكس، رئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، في حلقة نقاشية بعنوان “سوريا: إعادة إعمار البلاد وتحقيق المصالحة الوطنية” ضمن منتدى أنطاليا الدبلوماسي.