هناك سؤال وجيهٌ، يُمكن أن يُجابَ وهو: ما سبب عدم تَخطَّي القوَّات المُسلّحة اليمنيّة عِند نهايةِ المُهلة إلى تصعيدٍ مباشرٍ حاسمٍ على ما يُسمَّى بعاصمةِ الكيان الصهيوني «تل أبيب»؟

دَعنَا- يا صديقي- نبنَي فَهمًا صائبًا على مُنطلقاتِ الجبهةِ اليمنيّة.. إنَّ القوّات المسلحة هي تَتبِّعُ رؤية القيادة العُليا في اليمن، أيْ سماحة السيِّد القائد عبدالملك بدرالدين الدين الحوثي ،في جميعِ القراراتِ الهامَّة والحاسِمة؛ فالقيادة هي التي تتخِّذ القرار اللازم، والقوَّات تُنفِّذ ما تُؤمر. فبِما أنَّ لدى هذه القيادة معايير خاصَّة لها نماذج في الواقع وقرارات حكيمةٍ لها تجارب؛ إذًا سيُرتسِم الواقع وِفق هذه المعايير والقرارات.

إذ أن قرارَ المُهلةِ للوسطاء قرارٌ نموذجي يترُك الحُجَّة والزمن، واليوم دخلتْ مُعادلة «الحصارُ بالحصارِ» حيّز التنفيذ بعد انتهاء المُهلة المحدّدة، إنَّما ذلك هو إلّا وِفقِ مُنطلقٍ تصعيديٍ حكيم أمامَ الخصَم، مراعيًا سُبل الصواب والأمان للشعبِ الفلسطينيّ في غزَّة المُحاصَر، وهذا ما قد انطبقَ سابقًا في الجولة الثانية من التصعيد أيَّام الحربِ على غزَّة لمَّا نُفِّذ قرارِ حصار الملاحةِ الإسرائيليّة في البحرين الأحمر والعربي حين بدأ اصتياد سفينة «جلاكسي ليدر». ممَّا يكشِفُ مليًّا قواعِد وحِكمةَ القيادة في القراراتِ التنفيذيّة.

وبرأيّي بالاستشراف للواقع الجاري إذا استمرّت فترة منعَ دخول المساعدات الإنسانيّة لغزَّة، واغلاق المعابر أمامَ الفلسطينيين، في خضمِّ زيادةِ وتيرةِ التصعيد اليمني في الحِصار البحري، ومِن ثُمَّ يأتي عُدوانٌ إسرائيلي أو أمريكي على اليمن لاسيِّما العاصمة صنعاء كنتيجةٍ طرديّة متوقعّة، حينها بالتأكيدِ قد يتم تنفيذ مُعادلة « التصعيدِ بالتصعيد» خصوصًا عندما يصبحُ الأمر على تل أبيب بالصواريخِ الفرطِ الصوتيّة.

مُلخّص القول: القوَّات المسلحة اليمنيّة وهي الجهةِ الفاعِلة في الواقع الراهن، تُصعِّدُ تدريجيًّا حسب أبعادَ مُتغيّراتِ الواقع في ملف غزَّة والمنطقة، مِثلمَا يمكن أن تتأتى إلى أقصى ما يُمكِن من التصعيد بدون تدريجٍ حين تتمحوّر في أبعادٍ أخرى لمُتغيِّراتٍ مختلفة.

محمود وجيه الدين- كاتب يمني