⭕️ حين رفض الأسد الركوع، تكالبت عليه الضباع
لم تكن الحرب على سوريا وليدة لحظة غضب شعبي أو انتفاضة داخلية، بل كانت مخططاً أُعدّ بعناية، بانتظار اللحظة المناسبة للانقضاض، لم يكن المطلوب تغيير نظام، ولا جلب ديمقراطية، بل كان الهدف واضحا منذ البداية وهو إسقاط الدولة السورية، وتفكيك جيشها، وإعادة تشكيل المنطقة وفق رؤية أمريكية-إسرائيلية، بمساعدة قوى إقليمية ودولية.
🔴 الأسد في مواجهة المؤامرة الكونية
عندما رفض الرئيس بشار الأسد الانصياع للمطالب الغربية، بدأت ماكينة الحرب تدور.
تم تجنيد الإعلام العالمي لتشويه صورته، وتحويله إلى “ديكتاتور دموي”، فيما ضُخت مليارات الدولارات لتسليح جماعات مسلحة، أُلبست ثوب “الثورة”، لكنها في حقيقتها لم تكن سوى مرتزقة تعمل لصالح من وظفها.
لم تكن المعركة مجرد حرب داخلية، بل كانت حربا كونية شاركت فيها أقوى أجهزة الاستخبارات، من الـCIA إلى الموساد، مرورا بالمخابرات البريطانية والتركية والخليجية.
حيث كان المطلوب تكرار سيناريو ليبيا وغيرها، لكن الأسد كان رجلا يعرف أن المعركة ليست على حكمه الشخصي، بل على وجود سوريا ككيان سياسي موحد.
السقوط: سوريا تحت حكم الإرهاب
ورغم صمود سوريا لسنوات، كانت الحرب طويلة، والضغوط كبيرة، حتى جاءت لحظة الانهيار الكبرى، مع اشتداد الحصار، وتواطؤ المجتمع الدولي، وانسحاب بعض الحلفاء خطوةً للخلف، سقطت دمشق في قبضة الجماعات الإرهابية، وأصبح الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، الحاكم الفعلي لسوريا بعد أن دانت له السيطرة على البلاد بغطاء غربي صهيوني، دون أي مقاومةٍ من القوى الدولية التي كانت تدّعي الحرب ضد الإرهاب.
لم يعد الأمر مجرد مناطق نفوذ، بل تحولت سوريا إلى ساحةٍ مفتوحة للمحتلين، ومع رحيل الرئيس الأسد، انكشف المشهد تماما: من كان يدعي القتال من أجل الحرية، أصبح اليوم حليفًا لـ “إسرائيل”، ومن كان يزعم قتال الظلم، تحوّل إلى وكيلٍ للاستعمار، يقمع الشعب، ويسلم البلاد للمحتل.
وسرعان ما كشف الجولاني عن وجهه الحقيقي للحمقى الذين ظنوه محررا، حين صرّح علنا:“من المهم تذكير إسرائيل بسيادة سوريا، لكن الضغط عليها يجب أن يكون دبلوماسيا، لا نتحمل معركة مع إسرائيل.”
هكذا انتهت “الثورة” العبرية، وهكذا سقطت آخر الأقنعة، وبات واضحا أن المطلوب لم يكن إسقاط الأسد فحسب، بل تفكيك سوريا وتسليمها بالكامل للاحتلال.
🔴 إسرائيل.. العدو الذي ضرب بحذر حتى سقطت الدولة
طوال سنوات الحرب، كانت إسرائيل تضرب سوريا بحذر، إذ لم تكن تستطيع تنفيذ غارات متواصلة بسبب وجود منظومة دفاع جوي قوية، وجيش قادر على الرد. لكن بعد سقوط الدولة، تحولت سوريا إلى ساحة مفتوحة، وأصبحت الغارات الإسرائيلية شبه يومية، دون أي ردع.
2013 – 2019: غارات متفرقة، لم تتجاوز العشرات.
2021 – 2022: 13 غارة على دمشق و4 على اللاذقية في 2021، ثم 18 على دمشق و6 على اللاذقية في
2022.2023 – 2024: ضربات متفرقة، لكنها لا تزال محدودة.لكن بعد سقوط الدولة، أصبحت الأجواء السورية مستباحة، وبلغ عدد الغارات الإسرائيلية الآلاف، دون أن يجرؤ أحد على التصدي لها.
في 2018، عندما أسقطت الدفاعات السورية طائرة “إف-16” إسرائيلية، سارعت تل أبيب إلى تغيير تكتيكاتها، وأصبحت تعتمد على إطلاق الصواريخ من خارج الأجواء السورية، حتى لا تواجه خطرا مباشرا.
لكن حتى ذلك كان قبل سقوط الدولة، حين كان لا يزال هناك جيش يستطيع أن يرد ورئيس يرفض الإحتلال.
الاحتلال الأمريكي.. إدارة الأرض من قاعدة التنف
لم تكن واشنطن بحاجة إلى إرسال جيوش جرارة كما فعلت في العراق، بل اكتفت بإدارة الأمور عبر قاعدة التنف، التي أصبحت المقر الرئيسي للحكم الفعلي في سوريا الجديدة.
تقارير التحالف الدولي كشفت أن الجيش الأمريكي يعقد اجتماعات دورية مع قيادات “الجيش السوري الحر”، الجناح العسكري لهيئة تحرير الشام، لتنسيق التحركات الميدانية وضمان تنفيذ الأوامر الأمريكية.قطر.. الذراع الإعلامي لشرعنة الاحتلال في حين أن الطائرات الإسرائيلية اليوم تمطر سوريا بالغارات، لعب الإعلام القطري دوره في تبريرها، زاعما أنها تستهدف “مخازن سلاح النظام السابق”، في محاولة لإخفاء الحقيقة: إسرائيل لم تكن تضرب “النظام”، بل كانت تدمر ما تبقى من أي قدرة عسكرية قد تهدد أمنها مستقبلاً.
🔴 الأسد لم يركع.. لكنه واجه حربا غير مسبوقة
رغم كل ما حدث، ورغم سقوط الدولة، يبقى الأسد حالة استثنائية في تاريخ المنطقة، فهو لم يهرب كما أشيع، ولم يوقّع على معاهدات استسلام، ولم يرضخ للضغوط.الحقيقة التي لا يريد الغرب الاعتراف بها هي أن ما بني على الخيانة لا يدوم.الجولاني، ومن معه، ليسوا سوى أدوات مؤقتة، سينتهي دورهم حين ينتهي المشروع الذي وُظّفوا من أجله.
قد تكون الدولة السورية قد سقطت، لكن نهج الأسد لم يسقط، والمعركة لم تنتهِ، والتاريخ أثبت أن الضباع قد تنهش الأسد، لكنها لن تقدر يوما على كسر إرادته ومبدائه.