بعد مرور ما يزيد عن خمسة عشر شهراً على الطوفان ومع استمرار ما تعرض له الكيان الصهيوني ويتعرض له حتى يومنا هذا من خسائرَ جمةً على العديد من الأصعدة إثر الإصرار على عدم  التقدم نحو اتفاق لوقف إطلاق النار مع دفعه هو ومن خلفه نحو القيام بمجازر بحق المدنيين محاولاً إبادة أكبر عدد من أهل القطاع المقاوم.

نعم لا يخفى على أحدٍ كمُّ الدمار وتفاقم أعداد ضحايا جرائم الكيان البشعة في حق أهلنا في غزة، ولكن ربما يخفى على نسبة كبيرة من شعوبنا كمُّ الخسائر والهزائم التي لحقت بالكيان في المقابل، أعزي ذلك لعدة أسباب:

  • ما زالت صورة الهزيمة تسيطر على السواد الأعظم من الشعوب العربية والإسلامية بسبب التشبع بنظريات المؤامرة وأن كل ما نتعرض له تم التخطيط له سلفاً في غرفٍ سرية يديرها أصحاب المال والسياسة وعباقرة أجهزة المخابرات.
  • عدم إفصاح العدو عن خسائره باعتراف منصوصٍ وحقيقي بعد كل استهداف أو كمين أو عملية نوعية.
  • تكريس الإعلام العربي لإبراز صور الضحايا والدمار واغتيالات القادة مع تسليط الضوء على ضخامة القوة العسكرية وهول القوة المفرطة للسلاح الصهيوني الأمريكي ومدى استطاعة استخبارات الكيان على اختراق قوى المقاومة وقيادتها ومدى تقدمه التكنولوجي والسيبراني.
  • غياب مفاهيم أساسية عن الوعي العربي الإسلامي العام مثل مفاهيم التضحية من أجل نيل الحرية في سبيل الله والأرض والعرض وأن معادلات الحروب بين جيش دولة وجيش دولة أخرى التي يخلُصها البعض بفائز وخاسر لا تنطبق على واقع الحال في فلسطين المحتلة وسائر الدول التي تعرضت لاحتلال أو استعمار، فالمعادلة هنا هي التضحية حتى النصر طال الزمان أو قَصُر.

أما و بعد كل ذلك يمكن لأولي العقول والأبصار أن يقرؤوا واقع الكيان بعد أكثر من أربعمئة وخمسين يومًا من الكرِّ والفَرِّ بأن الكيان بات على مقربة من توقيع اتفاق غير مباشر مع فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم المفاوض الرئيسي والمتمثل بحركة حماس، هل استطاع الكيان أن يضمن لمستوطنيه عدم تكرار حدوث ما تعرَّضوا له في السابع من أكتوبر ؟

حتمًا سيخرج رئيس وزراء الكيان ليبيع انتصاراته للمستوطنين وحتمًا سيدفع العديد من ضعاف الضمائر أو معدوميها نحو التلويح بخطابه لتكريس مفهوم الهزيمة في عقول العامة من أبناء الأمة، وحتمًا سيتلقَّف كل هذه المفاهيم العديد من المغفلين، ولكن الحتمية التي يراها الأحرار والتي سيحققونها قريبًا هي زوال هذا الكيان وقريبًا جداً.

ببساطة.. ما الذي قد يحرزه الكيان بالاتفاق اليوم ولم يكن ليحرزه قبل عام؟ طالما أن المفاوض هو ذاته الذي قام بالطوفان وما زال حتى الساعة قادراً على إيلام العدو في الميدان بل وفي قلب الكيان.. وطالما بيت حانون تقذف لهيبها نحو عمق الكيان.

صلاح الدين حلس-الكويت