ما حدث يوم 8 ديسمبر حادثٌ مزلزلٌ بالفعل و صادم للجميع سواءٌ إيجابًا أو سلبًا
المؤيد والمعارض
الصديق والعدو
وهذا بسبب سرعة انهيار النظام والجيش في غضون 11 يومًا .
هذه الدولة السورية التي قاومت 13 عامًا ضد تكتُّل الأعداء سقطت في معركة دامت 11 يوماً … فكيف حدث ذلك و ما الذي يمكن أن يحدث مستقبلًا ؟

بداية الهجوم:
في 27 نوفمبر، أطلقت فصائل “المعارضة السورية” المسلحة بقيادة “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقًا)، هجومًا واسعًا على مواقع النظام في ريف حلب الغربي.
تزامن ذلك مع عملية استخباراتية داخل مدينة حلب أسفرت عن اغتيال الجنرال الإيراني كيومرث بورهاشمي، الذي كان يُعتبر قائد القوات الإيرانية في شمال سوريا وبحلول 29 نوفمبر، تمكَّنت قوات المعارضة من دخول مدينة حلب والسيطرة على معظم أحيائها. استمرت قوات” المعارضة” نحو حماة ثم حمص ومنذ سقوط حمص أدرك الجميع أن انهيار النظام السوري مسألة وقتٍ لا أكثر إن لم تحول معجزة ما دون ذلك ..

سقوط دمشق :
في فجر 8 ديسمبر، فقد الجيش العربي السوري السيطرة على العاصمة دمشق، حيث دخلتها فصائل المعارضة المسلحة.
بثّ التلفزيون السوري الرسمي بيانًا للمعارضة يُعلن فيه سقوط نظام بشار الأسد و”هروبه”…
وبها سقط جسر دمشق
من هو الفائز ومن هو الخاسر؟
الفائزون: الولايات المتحدة و”إسرائيل”

الولايات المتحدة: أسقطت الدولة السورية، التي كانت تُعتبر مركز ثقل في محور المقاومة والممانعة، و آخر الأنظمة القومية العربية،
كما أن القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة خصوصًا قاعدة التنف في سوريا أصبحت في أمانٍ حتى الآن

“إسرائيل”: استغلت انهيار النظام لتعزيز احتلالها، وفرض واقع جديد على الأراضي السورية كالقنيطرة وبعض المناطق من درعا وريفي درعا ودمشق، وضرب ما تبقى من البنية العسكرية السورية عبر القصف الهمجي والعنيف الذي بدأ مساء 8 ديسمبر، أي بعد سقوط دمشق
و هدف هذا العدوان ضمان تقليص التهديدات المستقبلية من سوريا و تقليص دعم فصائل المقاومة

الخاسرون: إيران وروسيا

روسيا: خسرت نافذتها الكبرى إلى البحر المتوسط، وقاعدة طرطوس الاستراتيجية، ما أضعف مكانتها كقوة عظمى في المنطقة
ولولا سوريا لما رأينا الدب الروسي

إيران: فقدت إيران حليفًا مهمًا كان حلقة الوصل الأساسية في محور المقاومة، وأُنهِكت استثماراتها السياسية والعسكرية التي امتدت لأكثر من 40 عامًا، ما يضعف قدرتها على التأثير الإقليمي
فصائل المقاومة الفلسطينية:
سوريا تعتبر عاصمة المقاومة و بسقوطها  خسرت المقاومة حليفًا لها، خصوصاً أن احمد الشرع (الجولاني) قائد الإدارة السورية المؤقتة طالب الفصائل بتسليم سلاحها
ملاحظات إضافية:

انهيار الدولة السورية ترك فراغًا أمنيًا وسياسيًا، مما يفتح المجال أمام مشاريع تقسيمية، ويُسهم في تعزيز الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة.

المشهد الجديد يعكس تقاطع المصالح الغربية والإسرائيلية، ويعيد تشكيل الخارطة السياسية للشرق الأوسط.

تركيا فائزة ولكن…

أنقرة خرجت كأحد الفائزين في المشهد السوري بعد سقوط نظام دمشق السابق، حيث استغلت الفراغ الأمني لتعزيز نفوذها شمال البلاد وتقويض التهديد الكردي المتمثل في وحدات حماية الشعب، التي تعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني. بسطت تركيا سيطرتها على مناطق استراتيجية، مما منحها نفوذًا مباشرًا في صياغة مستقبل سوريا، ووفرت لها فرصة لضمان أمن حدودها الجنوبية. ومع ذلك، فإن المكاسب التركية تأتي مع تحديات معقدة؛ أبرزها الفراغ الأمني في المناطق الخاضعة لسيطرتها، واحتمالية تصاعد القضية الكردية، التي قد تؤدي إلى اضطرابات داخلية أو تفاقم التوترات مع القوى الإقليمية والدولية
ماذا عن حزب الله؟
أما بالنسبة لحزب الله، رغم أنه من أكثر  حلفاء سوريا  إلا أنه أصبح تقريبًا مكتفيًا ذاتيًا وله مؤسساته، رغم أنه طبعًا فقد خطوط إمداده الرئيسية، ولكن للحزب خطوط أخرى و قادر على إنشاء خطوط بديلة
و حتى لو لم يفعل ،  فالمقاومة في لبنان قادرة على تجاوز التحديات بحسب ما جاء على لسان  الشيخ نعيم قاسم الأمين العام لحزب الله.

هل هزمنا؟

رغم أننا بالفعل تلقينا ضربة قوية و خسرنا حليفًا مهمًا جدًا ،
وكثيرون هم الذين  استسلموا،  خاصة بعد ما عشناه في الأشهر الأخيرة بداية بالعدوان على لبنان و استشهاد سماحة السيد حسن نصر الله…
لكننا لم نخسر الحرب بعد ،  فالحرب قد تدوم حتى قرن فلا مكان لقصيري النظر كما يقول الحكيم جورج حبش… 
سنة 78 خسرنا مصر و جاءت إيران
سنة 82 احتل “الإسرائيلي” نصف لبنان وأخرج الفصائل الفلسطينية لكي يحل محلهم فصائل جديدة كحزب الله و الذي ساهم في إخراجه من بيروت ثم من معظم الجنوب
سنة 2003 سقط العراق و 2011 سقطت ليببا لكن جاء اليمن

في التاريخ و في الفيزياء موت شيء قديم يعني ولادة شيء جديد ، لذلك بعد أشهر أو سنوات أو حتى ربما عقود ، سنرى المفاجأت ،  خصوصاً بعد دعوة الحزب السوري القومي الاجتماعي لإنشاء مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي السورية…
و بالنسبة لسوريا بصفة عامة فهذا البلد الذي أنجب الشيخ صالح العلي و إبراهيم هنانو و سلطان باشا الأطرش و الشيخ عز الدين القسام قادرٌ  أن ينجب جيلًا جديدًا من الأبطال

بقلم نذير محمدتونس